أيهما أهم للمواطن، الأمن الروحي أم الأمن الصحي؟

أيهما أهم للمواطن، الأمن الروحي أم الأمن الصحي؟

الشاملة بريسي: مراسلة/ الدكتور جواد مبروكي، خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي

يعيش المواطن المغربي عذاب اليم عندما يصاب بمرض ما، وكلما كان المرض خطيرا كلما كانت التكاليف خيالية وازدادت حدة عذابه وعذاب أهله.

أعيش هذه الأوضاع المزرية يوميا خلال مزاولة مهنتي وأتساءل هل هذا أمر محتوم ومقدر على الإنسان؟ هل ليس بإمكاننا تغييره؟ وإلى  متى سنستمر على هذا العذاب الجهنمي وخصوصا أن كل مغربي يعيش في هذا الحين بالضبط وضعية من هذه الأوضاع؟     

1- أسباب معاناة المريض المغربي وأقربائه

أ- تكاليف مادية تفوق الاستطاعة

عدم قدرة المريض على تكاليف الطبيب والأدوية سواء في القطاع الحر أو العمومي، تعجز المريض عن متابعة البرنامج العلاجي، مما يجعل المريض في عذاب مزمن لأنه ينقطع عن العلاج رغما عنه.

ب- عدم توفر كل الاختصاصات الطبية  في كل بقاع الوطن

عدد كبير من المرضى يقطعون ذهابا وإيابا مئات من الكيلومترات في يوم واحد، ليزوروا الطبيب المختص، بالعلم أن وضعيتهم المادية سيئة جدا.وناهيك عن ظروف النقل ومصاريف السفر بالعلم أن المريض يكون دائما مرفوقا  بشخص أو شخصين من أقربائه.

د- غياب الثقافة الطبية

لا زال المريض المغربي يُعتبر جاهلا ولا كفاءة له لإدراك نوع مرضه ويتلقى أجوبة تضاعف جهله مثل هذه العبارات: “فيكْ البْردْ، فيكْ المْصْرانْ الغْليضْ، فيكْ القْلبْ، فيكْ الأعصاب…”، مما يجعله يتهاون في تطبيق البرنامج العلاجي!

وأتساءل، هل من المعقول أن يتجاهل الوطن مواطنيه وهم في عذاب أليم؟ هل من المنطقي أن يكون العلاج الطبي غير مجاني وغير متوفر في جميع أرجاء الوطن؟ هل العلاج ليس حق من الحقوق الأولوية للمواطنين وخاصة أنهم يعتبرون أنفسهم وصية على وطنهم؟

كما أتساءل، لماذا هناك الأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المسلحة لحماية أمن المواطنين وليس هناك الأمن الصحي؟ ولماذا هناك الأمن الروحي لحماية عقيدة المواطنين وليس هناك أمن صحي لمعالجتهم عند مرضهم؟

2- هل العلاج الطبي حق من حقوق المواطن أم لا؟

أعتبر الوطن بمثابة الأب والمواطن بمثابة الابن. هل الأب يعطي الأولوية للأمن الروحي أم  للأمن الصحي لطفله؟ أليس الهاجس الأول للأب هو تحقيق أمن صحة طفله؟ إذاً، أليس من المسؤوليات الأولية للوطن أن يسهر على الأمن الصحي لمواطنيه؟

لما يصاب الرضيع بمرض ما، هل يقول له الأب “هذا لا يعنيني، اذهب وابحث عن مصاريف العلاج” ويتركه يتخبط في آلامه؟ هل هذا يعقل؟

عندما يرى الوطن صباحا ومساءاً أبنائه يتألمون عاجزين  عن  الحصول على العلاج، ويتركهم في حالهم المؤلم، فبماذا سيشعر إذاً المواطن؟ هل هذا يعبر عن حب الوطن لأبنائه؟ هل الأب يشترط مقابل مادي من طفله لكي يعالجه؟

لماذا العلاج المجاني هو حق من حقوق الطفل اتجاه والده وليس حق من حقوق المواطن اتجاه وطنه؟

3- هل الأمن الصحي منتوج تجاري؟

لماذا خدمة الأمن الوطني مجانية وليس الأمن الصحي؟ تصوروا معي إذا دخل عليك لص وبعدما استنجدت بالأمن الوطني، طلب منك هذا الأخير 600 درهم مقابل إنجادك؟ ولماذا يجب دفع مقابل مالي للحصول على التدخل الطبي؟

مع الأسف الشديد، أصبحت صحة المواطن منتوجا تجاريا في معظم الدول وحتى في الدول العظمى، لأن التغطية الصحية أو التأمين الصحي هو كذلك منتوجا تجاريا. صحيح أن المريض يتلقى في الدول المتقدمة علاج مجاني ظاهريا، ولكن بشرط أن يتوفر المريض على تأمين صحي الذي يُشترى مسبقا، وهذا ليس ما يسمى بالمجان، بل هي كذلك صفقات تجارية!

هل من المنطقي، أن يستغل الأب مرض طفله ويحول علاجه إلى صفقة تجارية لكسب أرباح مالية على حساب صحة ابنه؟

شاهد أيضاً

تعزية ومواساة في وفاة الفقيه والعالم الجليل محمد اغ أحماد الانصاري

الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا تعزية ومواساة في وفاة الفقيه والعالم الجليل محمد اغ أحماد الانصاري …

ثقافة الإعتراف مستمرة بمؤسسة محمد السادس من أجل السلام والتسامح بجمهورية مالي

ثقافة الإعتراف مستمرة بمؤسسة مؤسسة محمد السادس من أجل السلام والتسامح بجمهورية مالي تواصل  الشاملة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *