الاعتقاد المغربي “تْخْطّيتْ شي حاجَة” أو “دارو لي شي حاجَة”
الشاملة بريس: الدكتور جواد مبروكي، خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي
من الواضح أننا في الثقافة المغربية نصادف الكثير من المعتقدات التي تندرج من الوهم والخرافات ونظرية السحر والغامض والمعجزة. ونجد أصل جذور هذه المعتقدات في الجهل، والأشياء الغير المفهومة، ولكن أيضًا في التفسير الخاطئ لكل ما يُعتبر مقدسًا والذي يستخدمه المشعوذون للتلاعب بعقول الأميين والمثقفين على حد سواء.
وهكذا، على سبيل المثال، غالبًا عندما يشعر الشخص بحالة غير جيدة، أو تتغير حالته المزاجية أو يرتكب سلوكًا متسرعًا وغير ناضج، أو يتعرض لسلسلة من الأحداث المؤسفة، أو فشل في مشروع ما، نراه يردد “تْخْطّيتْ شي حاجة” أو “دارو لي شي حاجة”.
1- ماذا يعني “تْخْطّيتْ شي حاجة” أو دارو لي شي حاجة”؟
يُعتبر أن شخصا قد ألقى سحرا أو تعويذة على شخص آخر، في طريق الضحية أو على عتبة منزله أو في العمل ولما تمر الضحية المفترضة على “السحر” تصيبها مصائب كثيرة.
2- لماذا يستخدم المغاربة “تْخْطّيتْ شي حاجة” أو “دارو لي شي حاجة”؟
أ- غياب النضج الفكري والعاطفي
المغربي غير ناضج ولا يتحمل مسؤوليته. وعلى سبيل المثال، عندما لا ينجح الشخص في أي مشروع، بدلاً من المُساءلة الذاتية، فسوف يضع فشله على ظهر السحر وبالتالي فهو ضحية.
ب- الهروب من المسؤولية والإحساس بالذنب
عندما يرتكب الشخص خطأ ولكي لا يشعر بالذنب، فإنه يناشد هذا الاعتقاد. وعلى سبيل المثال، لما يخون الزوج زوجته ويتم إدانته، نراه يردد لكل محيطه “ما عْرْفْتْشْ شْنو وْقْعْ لي، تْخْطّيتْ شي حاجة، دّارْتْ لي شي حاجة” بمعنى أنه ضحية لمؤامرة سحرية.
ت- العفو بسهولة
حتى يتمكن المحيط من إنقاذ الوجه والصورة أمام الملأ ويعفو عن المخطئ بسهولة، نراه يلجئ بسهولة لنظرية التآمر السحري.
3- لماذا يؤمن المغاربة بنظرية السحر؟
يُعلم الدين أن السحر مذكور في القرآن وأن النبي نفسه كان ضحية له. من هذا الاعتقاد الديني، كل ما لا يمكن تفسيره عن طريق العقلانية يُعتبر من آثار السحر. وعِلم السحر هذا، هو اختراع و تلفيق إنساني بحت لأن القرآن لا يقدم أي تفسير ولا تفاصيل عن السحر ولا حتى معناه بالتدقيق وخصوصياته.