الرعب في تل أبيب.. والغضب الساطع آت

الشاملة بريس- بقلم: زايد الرفاعي

في سياق الوسم الذي اجتاح مواقع التواصل، والذي ينادي ب “أنقدوا حي الشيخ جراح”.
ننادي بدورنا كون مجموعة “ناس الغيوان” صدقت حين قالت يوما: ”غنينا ليهم باش يفهمونا هزو البنادر وتبعونا”.
العبارة نفسها؛ تنطبق أيضا على الأغنية القومية “وين الشعب العربي وين، وين الضمير العربي وين”، حيث المغزى كان ولايزال موجها لكل من تكالب على الشعب الفلسطيني، ودس بين ظفرين دسائس أجندات لوبية تآمرت فشردمت وحدة الشعوب العربية، ولكل من لم يفطن بعد أن فلسطين عازمة، ستحيا حرة، وما غيرها من ضمائر العرب محتلة.
فمن ذا لم يستعب أن أبناء ما بين القدس وغزة استغنوا عن حكومات الدمى وعن شعوب تفرقت وتمزقت، لذا نلفي بشعار “فداك يا وطني” أقسمت فلسطين المقاومة والممانعة للثأر لكل أسير ومنفي، ولكل من قدم شيئا لفلسيطين كي يراها أبية حرة، ومن حدا حدو الشيخ أحمد ياسين والطفل أحمد الدرة.

مبدئيا، يكون لاستحضار الفن الملتزم هنا، ضرورة إنسانية لتجديد النداء والصرخة اللذان تم وأدهما وإقبارهما من لدن لوبيات تهدف إلى طمس قضايا شعوب مكلومة ومغلوبة على أمرها، على رأسها قضية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض إلى القصف من القوى العبرية، أمام أنظار الشياطين الخرس المتمثلين في المجتمع الدولي، وأيضا لكون العبارتين تحيلان ضمنيا إلى حقيقة أبلغ بكل ما جادت وتجود به جحافل المحافل السياسية عربية كانت أو غربية.

إنه لايحز في النفس وفي ضمير كل أبي، خرس الحناجر القماشية وأصوات الظل أمام المذابح والمجازر وجرائم الحرب التي ترتكب في بلاد أولى القبلتين سواء في الأقصى أو بقطاع غزة، دونما تنديدا رسميا قويا، أو حتى إعرابا عن قلق جدي، ولما لا تحالفا مسؤولا وممناعة جريئة تتدخل لوقف الجرائم البربرية، وتضغط على الكيان الصهيوني الغاشم، لإيقاف تجاوزاته غير الإنسانية بغزة والضفة والقدس، وبفلسطين ككل.

فإلى متى ستبقى فلسطين تستغيث برموز موميائية، وبأصوات خافتة باهتة، وبمحافل متكالبة؟
إلى متى ستظل تؤدي ضريبة حكومات متواطئة، وتنزف دماء استرخصتها أشباح خائنة للقضية خائفة؟

لاريب؛ لو كان من بين هؤلاء رجال، لما نزلت فلسطينية إلى ساحة القتال، ولا وقفت أمام مدرعة، ولما حمل طفل حجارة أمام رشاش، لكن؛ لأرض الميعاد رجالات ومقاومين كانوا على العهد ولا زالوا.
ولعل المناورات والغارات الجديدة التي شنتها القوات العبرية على أحياء ببيت المقدس خير برهان، والتي أبانت قوتهم ومدى استعداهم على ردع الكيان الغاصب ومواجهة هجومه البربري، بل رد الصاع صاعين وزرع الرعب في عسقلان وتل أبيب ومناطق (محتلة) إسرائيلية أخرى، خصوصا بعد تمكنهم من امتلاك أسلحة وصواريخ جديدة كصواريخ “كورنيت” الذي اسهدفت به مناطق تابعة للكيان المحتل خلال الأسبوع الساري ردا على الغارات الغاشمة.

رغم ذلك؛ فأمام الصمت الرهيب الذي يسود المجتمع العربي، باستثناء بعض التدخلات الخجولة، لا يسع القول سوى ما جادت به قريحة أحد الدعاة يوما، والذي مفاده؛ “من ظن أن غزة تنزف الآن فليراجع نفسه.. غزة إنما تتبرع بدمائها لأمة أصبحت بلا دم”.

في نفس السياق، صدق ذو الرؤى السديدة، الملك الراحل الحسن الثاني، حين سئل يوما عن الوضع في فلسطين وما يتعرض لها شعبها من انتهاكات في حق أطفال ونساء وشيوخ، فرد بكل حكمة: فلسطين لن يحررها سوى الفلسطينيون أنفسهم.

وهذا ما نشهده خلال هذه الأسابيع، في محاولة الجيش الإسرائيلي للتنكيل بأبشع الطرق في حق المقدسيين، خاصة “حي الشيخ جراح”، إلا أن إرهاصات مفاجئة بدت تحدو إلى قلب موازين القوى ببلاد أولى القبلتين، إذ تمكنت المقاومة الفلسطينية والمقدسيون من الوقوف وقفة ممانعة، والرد على هجومات الجيش الإسرائيلي، في خطوة جريئة من نوعها، الأمر الذي صدم السلطات الصهيونية وجعلها تعيد حساباتها، ولعل تدخل بعض الجهات تدعوا الطرفين للتفاوض وضبط النفس، لمشهد يدل على تذبذب المواقف، ودلالة على أن إسرائيل أضحت تلمس قوة العزيمة الفلسطينية المقاومة بل وتخشى ردودها.

أيضا؛ لعل الدولة العبرية باتت عاجزة عن استمرارها في خوض حرب غير متكافئة، وشن عدوان على شعب عازل كما السابق، وإنما فطنت إلى أن المرحلة غدت مرحلة توازن رعب، وأن المقاربة العسكرية من جهتها لم تعد تجدي نفعا، وأن النزول إلى طاولة الحوار من أجل الخوض في مفاوضات ترضي الطرفين، تفاديا لأي حرب طويلة قد تكون خسائرها مادية وبشرية ومعنوية في صفوف الجبهتين؛ جبهة الاحتلال وجبهة المقاومة، أضحى الخيار والحل الوحيد والأوحد أمام الكيان الغاصب.

فمهما تطورت الأوضاع وتغيرت موازينه بالأراضي الفلسطينية، فإن التاريخ لن ينسى جرائم الاحتلال من هدم للمنازل، وإتلاف للمزارع، والتنكيل بالنساء والشيوخ، وتعذيب للأطفال والأسرى، ناهيك عن أبشع جرائم الحرب التي راح ضحيتها شهداء فداء لوطنية القدس وشرعية القضية، والتي يمكن التعبير عنها بالرسالة الملتزمة لناس الغيوان “ما هموني الديور إلى رابو، ماهمني غير الراجال لي راحو”.

رغم ذلك؛ تظل فلسطين الأبية حبلى بالمرابطين، فأنجبت ولازالت تنجب رجالا يصرخ حال لسانهم: “نموت نموت ويحيا الوطن” و “نعم سنموت ولكنا سنقتلع الاحتلال من أرضنا.

لذلك؛ يوما بعد يوم يزداد الرعب في تل أبيب، لأنهم موقنون أن من قلب فلسطين، ولو بعد حين، الغضب الساطع آتي، كما عبر عن ذلك الشاعر الفلسطيني محمود درويش: تحرير القدس كيوم القيامة، ذات يوم آت.

شاهد أيضاً

العدالة التصالحية: عندما تنتصر الحكمة على العقوبات الانتقامية

العدالة التصالحية: عندما تنتصر الحكمة على العقوبات الانتقامية الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- فيصل مرجاني إن …

الشيخ قاسم بدر.. ”تتويج مستحق وإشادة قوية بمؤسسة إمارة المؤمنين“

الشيخ قاسم بدر.. ”تتويج مستحق وإشادة قوية بمؤسسة إمارة المؤمنين“ الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- متابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *