ميتافيزيقيا الأطلسي الحلقة الثانية

الشاملة بريس- بقلم: ياسر الرباع

أيها السادة والسيدات الكرام من بعد التحية والسلام أقدم لحضراتكم هذه الحلقات لتكون مقدمة للجميع من أجل التمهيد لشرح ميتافيزيقيا الأطلسي وستكون هذه الحلقات متخصصة في مجال ميتافيزيقيا الذات الإنسانية بحيث نتعرف من خلالها على تكوين الإنسان وتركيبته المعقدة المتمثلة في الروح والنفس والجسد ومن خلال فهمنا لهذه التركيبة الرائعة والمعقدة سوف نكون قد وضعنا أقدامنا على أول درجة من درجات تنمية الذات وصقلها بشكل إيجابي من خلال المعرفة والوعي والإدراك الذي سيجعل من كل شخص صاحب رؤية خاصة وشخصية مستقلة تستطيع أن تأخذ قرارات هامة ومصيرية .
وقد قمت بتقسيم الموضوع لحلقات حتى يسهل استيعابه وفهمه ولكي لا يشكل عبئا ولا يأخذ من وقتكم الكثير وسنقدم لكم اليوم الحلقة الثانية وهي عن :

الروح النفس والعقل

موضوع الروح سؤال دائم يراود كل انسان وقد سأل عنها الكثيرين وسؤل عنها الأنبياء ودائما جاءت الاجابات مبهمة وغير شافية للمعرفة وبقي الموضوع شبه مغلق وكأنه محرم الخوض فيه وحين قال الله سبحانه وتعالى لرسوله محمد عليه الصلاة والسلام ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي فهو لم يحرم البحث ولم يغلق باب الاجابة بل حين قال الروح من أمر ربي فقد فتح الباب مشرعا أمام معرفة هذا الأمر ولكن ليس معرفته كنهها فكنه الروح قضية لا يمكن معرفتها ولكن معرفة وظيفتها وطريقة عملها وماذا تشكل في جسد الانسان فهذا موضوع يجب على الجميع البحث فيه وتحليله والنظر اليه نظرة الباحث الفاحص المتعطش للمعرفة وليس المتعطش لأسرار الخلود كما يرمي بعض الباحثين البعيدين عن معرفة الله والذين يحاولون استغلال هذا الموضوع للتشكيك بوجود الخالق بدلا من السعي وراء دراسة هذا الموضوع للفائدة والمعرفة العلمية .
ومن خلال التفكر الحثيث والبحث والتأمل يستطيع أي انسان تحديد ماهية الروح الوظيفية وليس كينونتها وهنا فقد تأملت كثيرا لسنوات عدة في هذا الموضوع وبحثت فيه وتفكرت فيه لأكثر من ثلاثة عقود فوجدت أنني وصلت الى معرفة ما يشبع نهمي نحو المعرفة ويرضيني من حيث التفسير والفهم لهذه الكلمة التي ستبقى دائما محط تساؤل عند جميع البشر ومن هنا فقد وجدت نفسي ملزما بوضع كل معرفتي في هذا الكتاب كي أكون قد وثقت جميع أفكاري في هذا الموضوع وأترك الباب بعدها مفتوحا ليس للحكم على ما سأكتبه ولكن للمزيد من التفكر والتأمل لدى كل من يقرأ هذا الكتاب كي يكون اضافة أو عونا له على فهم ما هو غامض في هذا الجانب المهم من حياته القصيرة .
بداية سنخوض في الموضوع منذ أن قال الله سبحانه وتعالى للملائكة (اني خالق بشرا من طين فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) .
هنا نجد أن الله سبحانه وتعالى قد قال بوضوح نفخت فيه من روحي وهنا أيضا سنجد أن النفخة الالهية في هذا الجسد الذي كان طينا قد منحته الحياة فما هي هذه النفخة انها من روح الله وهذا يعني أن هذه النفخة لا ولن تموت أبدا فهي خالدة بخلود نافخها وينطبق عليها ما ينطبق على روح الله ومن هنا نستنتج أن الروح هي عبارة عن مانح للحياة لهذا الجسد وليست النفس التي تخص هذا الجسد والدليل على ذلك أن الله قال كل نفس ذائقة الموت ولم يقل كل روح ذائقة الموت اذا فالنفس شيء والروح شيء آخر مختلف تماما فالروح هي سر الحياة ومانح للحياة ولا علاقة لها بفلان أو علان فروح أحمد ليست أحمد بل نفس أحمد هي أحمد وروحه هي ملك لله ونفخة من روحه ولا يقع عليها العذاب ولا الحساب بل يقع ذلك على النفس والروح هي ما يعطي النفس الحياة ولا تتأثر الروح بالمادة نهائيا ولا معنى لكلمة روح فلان تتعذب وهذه مقولة خاطئة تماما فلا يقع العذاب على الروح ولا يوجد بين الانسان والروح مستقبلات حسية ولا عصبية انما النفس هي من تتصل حسيا وعصبيا بجهاز الأعصاب المركزي وهو الدماغ وهي التي تشعر وهي التي تستقبل الألم والفرح والكئابة والخوف والسعادة عن طريق ارتباطها حسيا بالمادة العقلية بمجسات عصبية ترسل لها كل ما يحدث للجسد من مشاعر فالنفس اذا مادية والعقل المادي هو همزة الوصل بين الجسد والنفس وليس بين الجسد والروح فالروح ليست مادية ترابية ولكن الجسد مادي وترابي وينطبق عليه ما ينطبق على عالم المادة في هذه الحياة على الأرض والجسد ما هو الا مركبة فضائية خاصة بالنفس لتتمكن من التعامل مع هذا العالم المادي وجسد أحمد ليس هو أحمد بل عرفنا أحمد من خلال جسده فأصبحنا نربط أحمد بصورة جسده وهذا الجسد مركبة خاصة بالأرض فقط تساعد أحمد على الحياة على هذا الكوكب حيث أنه يشعر بالمادة من خلال حواسه الخمس وهذه الحواس الخمس هي التي توصل الصورة الى نفس أحمد عن عالم المادة من خلال ترجمة هذه الصور والكلمات والمشاعر والأحاسيس الى موجات خاصة عن طريق المجسات العصبية للدماغ فيرسلها الدماغ الى النفس فترى النفس من خلال عيون هذا الجسد وتلمس من خلال أصابع هذا الجسد وتسمع من خلال أذني هذا الجسد وتشم من خلال أنف هذا الجسد وتتذوق من خلال لسان هذا الجسد وما الجسد سوى مركبة تستعملها النفس البسرية من خلال بث الروح فيه لكي يصلح لفترة محدودة ومن ثم يتلف ويعود ترابا كما كان بالأصل ولدي دليل آخر على ذلك حيث أن القرآن الكريم أخبرنا أن كل شخص فينا سيجد ما عمله حاضرا يوم القيامة وما لهذا الكتاب لم يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها قضية سهلة وبسيطة فنحن اليوم نستطيع أن نخزن كما هائلا من المعلومات على شريحة صغيرة جدا وبالصوت والصورة أما طريقة حفظ المعلومات لدى الانسان فهي تخزن في العقل ويتم ارسالها الى النفس وهل هناك من كتاب أقدر على تخزين كل كبيرة وصغيرة حتى أفكار الشخص وتخيلاته وكل ما يدور بخلده فهو مسجل بالصوت والصورة فعيوننا وآذاننا وحواسنا كلها جميعا ترسل كل شيء الى دماغنا وكل ما نعمله في حياتنا من كلام وعمل ونظر وسمع وشم ولمس وتفكير وأسرار داخلية كلها يسجلها الدماغ ولا يغادر شيئا الا وسجله ومن ثم أرسله الى النفس التي ستحتفظ به بعد أن يذهب هذا الدماغ ويخرج عن الخدمة ويعود للتراب ستبقى جميع الميتافيزيقيا الأطلنس.

شاهد أيضاً

دورة تكوينية بطانطان لتعزيز آليات الرصد والتتبع في حماية حقوق المرأة والطفل

دورة تكوينية بطانطان لتعزيز آليات الرصد والتتبع في حماية حقوق المرأة والطفل الشاملة بريس بالمغرب …

رسالة شكر وامتنان لمؤسسة الثانوية التأهيلية سيدي يحيى بني زروال على ما قاموا به جراء السيول التي أحاطت بمؤسستهم

رسالة شكر وامتنان لمؤسسة الثانوية التأهيلية سيدي يحيى بني زروال على ما قاموا به جراء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *