إعداد- البخاري إدريس: سيدي سليمان/ مكتب الشاملة بريس
مع بدء الحملات الانتخابية صباح يوم الخميس 26 غشت 2021 على الصعيد الوطني المقرر تنظيمها في الثامن من سبتمبر (أيلول) المقبل، سواء الجماعية أو التشريعية والجهوية يعود إلى الواجهة الحديث عن معاناة الأحزاب المغربية في استمالة الناخبين بسبب التراجع الكبير لمنسوب الثقة في تلك المؤسسات السياسية، وذلك بسبب اعتماد جانب منها بعض التوجهات السلبية، بالإضافة إلى الصورة النمطية التي أصبحت تلتصق بالسياسي المغربي، بسبب توالي قضايا الفساد. حيث سجل تراجع الثقة في الأحزاب بالمغرب تدني نسب التصويت في الانتخابات، حيث لم تتجاوز تلك النسبة خلال الانتخابات التشريعية لعام 2016، 43 في المئة، وبلغت في انتخابات عام 2011، 45 في المئة، في وقت لم تتجاوز نسبة المشاركة في انتخابات عام 2007، 34 في المئة، وهي أدنى نسبة في تاريخ المغرب. ويبقى السؤال كيف ستسترجع الاحزاب السياسية المغربية ثقتها في المواطن وما الشروط والاليات وهل الأحزاب قادرة على تفعيل النموذج التنموي غلى ارض الواقع في ظل التنافس والاختلافات حيث أثارت تصريحات محافظ البنك المركزي المغربي، عبد اللطيف الجواهري خلال ندوة صحافية، حفيظة بعض الأحزاب، إذ أكد أن الناس ما عادوا يثقون بالأحزاب، وأن العزوف عن الانتخابات يطرح نفسه، معتبراً أن المشكل الأساس هو مشكل ثقة ليس في السياسيين فقط، ولكن حتى في من ينتمي للقطاع العام.
من جانبها، عبرت بعض الأحزاب عن اعتراضها على تصريح الجواهري، واعتبر حزب “التجمع الوطني للأحرار” المشارك في الائتلاف الحكومي أن تلك التصريحات “تسيء إلى الأحزاب السياسية، وتهين الفاعلين السياسيين وتقوض البناء المؤسساتي للمملكة، وتضرب في العمق الخيار الديمقراطي”، مشيراً إلى أن لتلك التصريحات تأثيراً سلبياً مباشراً وعميقاً في تقويض منسوب الثقة في الأحزاب، وتقوية العزوف الانتخابي وتداعياته السلبية على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
ويحمل سياسيون ومراقبون مسؤولية تدني الثقة في الأحزاب إلى هذه الأخيرة نظراً لاعتمادها على توجهات أصبحت متجاوزة، وتؤكد النائبة البرلمانية المغربية، ابتسام عزاوي، أن معطى الثقة ليس بالمعطى الثابت في الزمان والمكان، بل هو متغير بفعل ظروف وعوامل معينة، مشيرة إلى صدور العديد من الدراسات التي سلطت الضوء على خفوت منسوب الثقة تجاه عدد من المؤسسات وتجاه العمل الحزبي والممارسة السياسية بشكل عام، مضيفة، “في نظري يكمن السبب في العديد من العوامل التي تسائل كلها بالأساس طريقة عمل الأحزاب بالنظر إلى خصوصيات البلاد وتطلعات المواطنين الحالية وبخاصة الشباب منهم، على الأحزاب أن تسأل نفسها عن سبب تراجع مستوى ثقة المواطن فيها، التي ترجع ربما إلى ممارسات سياسية لا ترضيه، أو ربما إلى ضعف الديمقراطية والحكم الداخلي لدى بعض الأحزاب، وغياب مسارات واضحة تسمح بانضمام الكفاءات والشباب ضمن النخب السياسية، سواء على مستوى المسؤولية التنظيمية أو داخل الهيئات المنتخبة وعلى رأسها البرلمان”.
وفي سياق متصل اتهم بعض المغاربة الأحزاب بالفساد، باعتبارها تنهج ممارسات من قبيل شراء الأصوات خلال الانتخابات، واعتماد المحسوبية في سياستها الداخلية، في حين يقوم آخرون منهم ببيع أصواتهم مقابل مبالغ مالية من أجل التصويت على مرشح معين، وتؤكد عزاوي وجود مسؤولية مشتركة للطرفين، معتبرة أنه على الأحزاب تنظيف بيتها الداخلي وعدم منح التزكية للأشخاص الذين تحوم حولهم شبهات فساد، ومن جهة أخرى، تشجع النائبة البرلمانية الناخبين، وبالخصوص الشباب منهم، على التصويت في الانتخابات بعد الاطلاع على برامج الأحزاب، وبالتالي منح الفرصة للكفاءات، وتفادي التصويت على مرشحين تأكد خيانتهم الأمانة في وقت سابق.
واعتبر الشفدي أن ظاهرة شراء الأصوات تعتمدها بعض الأحزاب ويتحمل مسؤوليتها أيضاً بعض المواطنين، الذين ينخرطون في هذه الممارسة المسيئة إلى العملية الديمقراطية، مضيفاً، “وهنا نتمنى ألا تبقى السلطات العمومية في حيادها السلبي، وعليها أن تضرب بيد من حديد على كل المفسدين الذين يسهمون في تراجع قطار التحول الديمقراطي الذي تريده بلادنا لديمقراطيتنا الناشئة”.
وأي عملية إصلاح جذري لا يمكن أن يتما إلا عبر مشاركة حقيقية للشباب، وهنا أحمل المسؤولية للجمعيات العاملة في المجتمع المدني، وإلى كل الفاعلين السياسيين للمساهمة في تأطير الشباب وتوعيتهم بأدوارهم المحورية في عملية الإصلاح”، مشدداً على أن المشاركة السياسية هي أهم بكثير من المحطات الانتخابية، وبفضل دستور عام 2011 يمكن للمواطنين المساهمة في توسيع مشاركتهم السياسية عبر الديمقراطية التشاركية التي منحت آليات متقدمة للأفراد والجمعيات للمساهمة في التشريع وطنياً ومحلياً.