أخبار عاجلة

ندوة العلاقات الأخوية وأبرز الروابط المتينة بين المملكة المغربية ومالي

الشاملة بريس- مراسلة: مؤسسة محمد السادس من أجل السلام والتسامح بمالي

ورقة للمشاركة بندوة العلاقات الأخوية وأبرز الروابط المتينة بين المملكة المغربية ومالي بعنوان:

العلاقات الاجتماعية والثقافية والتجارية بين شعوب اقليم أزواد والجنوب المغربي:

تمتد عبر التاريخ علاقات قديمة ومتعددة بين الشعبين الشقيقين المغربي وا الزوادي، فتمتد بينهما روابط اجتماعية، ولغوية وثقافية وتجارية؛ ومنذ فجر التاريخ القديم شكلت القوافل التجارية الصحراوية واحدة من أهم أواصر الترابط بين المغرب وبلاد السودان الغربي وبالأ خص تنبكتو، ويبرز الدور الطارقي كبيرًا في هذا النشاط العالمي أ نذاك، فقد ساهموا فيه مساهمة كبيرة وشجعوا القوافل القادمة من الجنوب الى الشمال والقادمة من الشمال الى الجنوب، الى جانب دورهم الذي قاموا به على أأكمل وجه كمرشدين لطرائق الصحراء. ويقول الدكتور باولو فارياس ” ان الترحال والرعي الذين امتهنهما الطوارق جعلهم عارفين بكل تفاصيل الصحراء الكبرى، وقاموا بشكل طبيعي بممارسة التجارة استجابة لاحتياجاتهم”.

ومن الجدير بالذكر ٱن ذلك التبادل بدأ أ فيما بين الكونفيدراليات (السلطنات) الطارقية فيما بينها، ومن ثم فيما بين الطوارق في تادمكة وتمبكتو وغاوو  أزواد وأجاديز أ يير مع جيرانهم في الجنوب. ونفس الشيء فيما بين الطوارق في ليبيا والجزائر ومن جاورهم في الشمال ووصلت قوافلهم كل الحوار الاسلامية في المغرب وتونس ومصر ومنها تس تمر بضائع التجارة الى مناطق أخرى في العالم.

ويذكر التاريخ، أنه ومع القرن العاشر الميلادي، ازدهرت التجارة الصحراوية بشكل كبير، وخاصة بعد تأسيس مدينة تين بكت )تنبكتو( التي أصبحت حارة من أهم المراكز التجارية الصحراوية ٱنذاك. واستمر هذا النشاط الاقتصادي العالمي الىبداية القرن العشرين، بمعنى 

ٱخر؛ يمكننا القول أنه لولا سقوط القارة الافريقية تحت نِيرالاس تعمار وظهور الدول الوطنية والحدود الاستعمارية، لظل هذا الدور قائماً ويؤدونه بكفاءة ومهارة واحترافية لا نظير لها.

وهنا أود أن أشير الى أن طبيعة علاقات شعب مالي ( اقليم أزواد) تتميز بكونها علاقات أخوية، فهناك قبائل مغربية في محاميد الغزلان (محافظة ورزازات) جذورها قادمة من تمبكتو ومن غاو ومن تادمكة. وكلنا يعرف تاريخ الحملة التي أرسلها السلطان المراكشي أحمد المنصور الذهبي الى تمبكتو لمواجهة قوات أ سكيا داود، وما نتج عنها من تزاوج المغاربة بنساء السونغاي، ليس فقط بل أيضا الطوارقيات وظهور مجتمع الروماة يعتبر حتى اليوم من أهم طوائف المتمع الأزوادي. أذكر من تاريخي الشخصي كمؤرخ وباحث في تاريخ المنطقة، أأنني تقابلت مع أحد مشايخ محاميد الغزلان، والذي أخبرني بأن جده كان ينزل في بيت الأمير محمد علي أغ الطاهر الأنصاري في تمبكتو، وكل من يعمل معه في القافلة.

الحقيقة أنني حاولت توثيق تلك المقابلة بالصوت والصورة أو بالصوت فقط، لكنه فضل عكس ذلك، الا أنه تفضل مشكورا واستدعى لي عمه الذي حدثني عن علاقات أبيه بجدنا محمد علي. ومما قاله لي أنه (العم) لما عرف بأن الأميرة بلقيس بنت محمد علي مقيمة بالرباط؛ راسلها وقامت بزيارته في منزله.

كما أنني وفي هذا الصدد، أود أن أشير الى مقابلتي مع مدير مهرجان الصحراء، السيد محمد أغ علي الأنصاري المعروف بمني الأنصاري، والذي قال في تلك المقابلة ما نصه: المغرب، في الواقع، بالنسبة لنا أكثر من مجرد بلد مجاور. صحيح أن المغرب بلد جميل للسياح، لكنه بالنسبة لنا مليء بالتاريخ ومليء بالذكريات. امن عمي الأمير محمد علي أغ الطاهر مدفون هنا، كان عمًا عظيماً، وشخصية فريدة في المتمع الطارقي، فقد كان شيخًا مثيرًا للاعجاب بسبب مكانته الاجتماعية وخطابه التحرري – الاستقلالي ومن ثم الانفصالي، وأذكر أن والدي –رحمه الله- كان يصطحبني في كل أواخر ا الأسابيع لزيارته في سجن بماكو، وبعد اطلاق ساحه، كنت أزوره هنا في المغرب. في المرة الأخيرة التي جئت فيها لزيارته في مدينة تمارة، أتذكر جيدًا، كان ذلك قبل عام واحد فقط من وفاته ، كان ضعيفًا جًدًا، وحين ودعته، عندما أردت المغادرة، دعاني ليدعو لي، وكما تعلمون تلك سجية شيوخنا يقومون بذلك دومًا، أكن الزمان الن يعود بي لسنوات مضت، وأراه الن يضع يده على رأسي ويقرأ أيات من القرأ ن الكريم، مثُ ينفخ على يديه، ويمسح بها رأسي ووجهي. يا الله!! رحمه الله رحمة واسعة. الحق أقول؛ كان رجلاً معارضًا للنظام السياسي لمالي ولا أشاركه في هذا، ولكنه عند وفاته قام الرئيس الألفا عمر كوناري بتكريمه وأشاد به …. وهنا أود الاشارة الى أأنه مدفونا هنا في المغرب، وهذا شيء مهم بالنسبة لنا.

في كل مرة أتيت الى هنا في المغرب أقوم بزيارة قبره في تمارة، وحتى غًدًا بعد هذا المهرجان سأذهب الى بيت ابنته بلقيس لأحييها وأقوم بزيارة قبره. لذا كما قلت، القدوم الى المغرب بالنسبة لنا نحن الطوارق والأنصار بشكل خاص، ليس مجرد سياحة بل رحلة مصحوبة بالكثير من الزيارات ولها شجون وشجون.

واذا ما انتقلنا الى وقتنا الحار، فقد ركزت تلك العلاقات على الجانب الثقافي والفني لما له من أهمية بارزة في تقارب الشعوب. وفي هذا الصدد أود الاشارة الى التبادل الثقافي بين الهيئة المديرة لمهرجان الصحراء (Festival au Désert)برئاسة محمد أغ محمد علي الأنصاري المعروف اعلامياً بـ”مني ا ألنصاري” وال هئية التي تدير مهرجان تارجالت بممحاميد الغزلان المغربية.

في مقابلة أجريتها في العام 7102م مع ابراهيم السباعي نائب المدير العام لمهرجان تارجالت، حدثني عن أول لقاء له مع فناني الطوارق وعلى رأسهم فرقتي تيناريون وتار تيت أأثناء فعاليات مهرجان باليو نيون )Paléo Nyon( بسويسيرا، 7112م، والذي كان تحت عنوان حماية البئية[1]، وخصصت دورته تلك للصحراء، لذا قام المنظمون السويسريون بدعوة مئات من الفنانين القادمين من الصحراء الك برى.

ففي أثناء هذا اللقاء الثقافي ولدت فكرة احياء عيد الموسم الذي كان يقام في محاميد الغزلان والذي أصبح رسميًا فيما بعد مهرجان تارجالت. وكان أهم مشاريعه مكافحة التصحر والمحافظة على ثقافة الرحل في المنطقة بحفر الأبار الارتوازية لهم في أماكن قريبة من مراعيهم ما سيسهل لهم ا لابقاء على نمط حياتهم الرعوية. ونتج أيضا عن هذا المهرجان أن بدأ فنانو محافظة ورزازات ومراكزها مثل زقورة ومحا ميد الغزلان باكتشاف الموسيقى العصرية الطارقية، تيناروين على سبيل المثال التي تعتبر الفرقة الموس يقية الأكثر شهرة في المموعة حتى أصبح هذا الجزء من المغرب أكنه أزواد لكثرة استماعهم لتيناروين وتارتيت وتيركفت وتامكريست، وأخيرا الجيل الجديد من الموسيقى الراهنة الطارقية. وبدأ الفنانون والمعنيون بشؤون الفن والثقافة المغربيون يسافرون ويشاركون في مهرجانات في مالي مثل مهرجان ايسكن قرب تنبكتو ومهرجان على نهر النير بس يغو ونتج عن هذا القافلة الثقافية من أجل السلام ) Caravane Culturellepour la Paix( والتي قامت بدورها بانشاء شراكات قائمة بين مدن مغربية وأخرى مالية كما هو الحال في الصداقة بين تنبكتو وورزازات وبين سيغو وزغورة الخ.

وفي 7102م مثلاً؛ سجلت فرقة تيناروين على تلال صحراء محاميد جزء من أ لبومها الوان )Elwane( بمعنى الألفيال الذي فاز بجائزة جرمي العالمية. وفي أأثناء اقامتهم في محاميد الغزلان قاموا بتعليم الكثير من ش باب المنطقة العزف على الطريقة الموس يقى الع صرية الطارقية. ومن بين الش باب الذين سجلوا مع تينا روين : فرقة الش باب الرحل )Les Jeunes Nomades( وجيل تارجالت )Génération Taragalte( وترايبي ورزازات وغيرها.

بهذا يمكنني أن أقول أنه ثمة علاقة وطيدة بين المغرب ومالي، لاس يما شمال مالي وجنوب المغرب، وهي علاقة وطيدة تمتد منذ قرون، وهناك قبائل عربية في المغرب أصولها أزوادية وأخرى في أزواد أصولها مغربية. ولا ننسى قبائل الرماة التي تعتبر مزيجًا من المغاربة والسونغاي والطوارقوغيرهم، وهم لا يزالون قوة فاعلة في كل من تنبكتو وغاو.

وأختُ مع عنصر أ خر لا يقل أهمية، وهو أن الطوارق -بشكل عام- جزء لا يتجزأ من النسبج الاجتماعي الأمازيغي، ولذلك الجانب أهمية قصوى، خاصة أن لغة تماشق والأمازيغية أيضًا تعتبر واحًدًا من تلك الروابط التي تدعم تاريخ تلك العلاقات الممتدة عبر سجل التاريخ.

   وشكرا لكم الدكتور محفوظ أغ عدنان

 [1]- علما أن البيئة تعتبر كل شيئ بالنسبة للرحل.

 

 

 

شاهد أيضاً

القصر الكبير: أسرة الأمن الوطني تحتفل بالذكرى 69 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني: حصيلة مشرفة وجهود متواصلة في خدمة المواطن

القصر الكبير: أسرة الأمن الوطني تحتفل بالذكرى 69 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني: حصيلة مشرفة …

فرحة رفع العقوبات عن سوريا تأثيرها الإيجابي على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي

فرحة رفع العقوبات عن سوريا تأثيرها الإيجابي على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *