الشاملة بريس- رماز الأعرج : مملكة أطلانتس الجديدة (ارض الحكمة)
:توضيح من هو الآخر بالنسبة للذات
حين نتحدث عن التنمية المستدامة والمجتمع الجديد بالضرورة التذكر من البداية إننا نتحدث عن موضوع كبير هائل ومهمة ليس حصرية أو اختصاصية في مجال أو ميدان معين من ميادين الوجود الاجتماعي , فالمجتمع بنية متكاملة ولا يمكن تحقيق المسار الحقيقي للتنمية المستدامة الحقيقية بمعزل عن البنية الاجتماعية المتكاملة من الاقتصاد إلى البنية المجتمعية الثقافية التربوية والفكرية و السياسية , إنها بنية متكاملة بالضرورة العمل على إعادة بنائها على أساس مفاهيم المجتمع الحديث والتنموي الحقيقي , لذلك هي مهمة معقدة وجماعية وتكاملية , فهي بالضرورة أن تشمل جميع الجوانب الحياتية , انه سلوك مجتمعي جديد وبنية فوقية وتحية متكاملة الأركان .
من أهم القضايا الأساسية المطلوبة لهذه النشأة المجتمعية إعادة بناء الوعي الإنساني على أساس الفكر الجديد من خلال المؤسسات التربوية التعليمية والإعلامية, ونشأ جيل جديد ذو رؤية مختلفة للآخر, واعتباره شريك وليس خصم كما في حالة الديمقراطية الضالة, ونشر ثقافة مجتمعية جديدة, تنظر إلى الآخر نظرة تسامح وقبول وشراكة وليس منافسة وعداء وخصومة دائمة لا تنتهي بأي حال من الأحوال, بينما الواقع غير ذلك تماماً, والإشكالية بالأساس في طبيعة النظام السياسي و التربوي والاجتماعي وليس في الآخر الإنسان, الآخر الإنسان هو نفسه كما نحن كما هو لا فارق بيننا في الوجود في الحياة في شيء, أصلاً ولكن القالب الاجتماعي هو الذي يحدد لكل مكانه وماذا يكون.
إن هذا الآخر شريك دائم وليس عدواً أو خصم محتمل بل شريك دائم وبدونه لا تكتمل الحياة والوجود الإنساني الاجتماعي, والثقافي والأخلاقي والفكري وغيره من القضايا الأساسية, والروحية المجتمعية والعملية والتطبيقية المادية, إن الآخر ليس فقط شريك بل تكامل وفعل منفعل بين الفرد والآخر, سواء كفرد أو جماعة, إن هذا الآخر لولا اختلافه لما عنى لنا شيء في وجوده, حيث سيكون نسخة مكررة عنا , وبذلك يصبح ممل حتى في طريقة تفكيره, حيث لا رؤية مغايرة ولا تطور لا حراك نحو شيء جديد, أو مختلف, وهذا يتعارض مع قوانين الطبيعة والواقع ذاتها.
بالضرورة ترافق هذا الفكر التربوي والأخلاقي بواقع مادي ملموس مقنع وواقعي, حيث تشكل المساواة في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها, أي المساواة في الفرص في كافة مجالات الحياة, كلا وطاقته وإمكانياته وجهده المبذول, أي أساس متين لهذه التربية الاجتماعية الجديدة التي من خلالها سيتمكن الإنسان من تصحيح رؤيته لذاته وللأخر المختلف بالضرورة, وفهم حقيقة هذا الاختلاف الطبيعي والأساسي في الوجود و التطور واستمرارية الحياة.
إنها مرحلة جديدة متراصة و متكاملة البنيان والبرامج و التطبيقات, بحيث يصل الفرد إلى ثقة ملموسة بنظريات مجتمعه وأفكاره وأخلاقياته وسلوكه وثقافته , من خلال معايشتها وممارستها كسلوك طبيعي يومي وطريقة تفكير ورؤية للحياة و الآخر بغض النظر عن طبيعة هذا الاختلاف, مما يعزز الثقة بالآخرين ويجعل منهم شركاء حقيقة وليس مجرد نظريات وأخلاقيات للشعار والتمنيات الخيالية الطوباوية أو الأفلاطونية الغير مدركة في الحياة الطبيعية, ومن خلال هذه الممارسة تصنع الحياة الجديدة وتكون النقلة النوعية للإنسان الجديد قد تحققت من خلال خلق التوازن بين الفرد والجماعة والذات والآخر والمجتمع والفرد, هذا لن يلغي التناقضات بين الصحيح والخطأ والجديد والقديم و غيرها من التناقضات التي تصبح في إطار تصنيف التعارض , أي اختلاف ليس تناحري ولا تنافسي بل اختلاف رؤية طبيعي مجدي بناء يحقق غايات وجوده أصلاً, وينسجم مع طبيعة الحياة والوجود.
إن المهمة البائية لمجتمع متوازن قادر على تحقيق الازدهار والعادلة و الرفاه للإنسان جد كبيرة من حيث التفاصيل , ولا يكفي هذه المهمة نظريات ورؤية , بل بالضرورة أن تتحول هذه الرؤية إلى تفاصيل تطبيقية , أي برامج عملية تطبق في جميع المجالات , وهذا ما يجعل منها من المهام الكبيرة التي تحتاج إلى جهد مضاعف ومتابعة شمولية لأكثر من قطاع ومجال .