الشاعر “عبد الناصر لقاح” ينال دكتوراه الدولة مشكلا استثناء بحضور شخصيات وازنة

الشاملة بريس- بقلم: زايد الرفاعي

احتضنت كلية الأداب والعلوم الإنسانية/ جامعة مولاي اسماعيل بمكناس يومه 14 أكتوبر، حدثا أكاديميا استثنائيا، شهد مناقشة أطروحة الأستاذ الباحث عبد الناصر لقاح لنيل شهادة دكتوراه الدولة في الأدب، واللسانيات التطبيقية.

في موضوع “الترجمة وحدود الوفاء للنص”، (ترجمة أزهار الشجر، لبودلير) والتي نالها بميزة حسن جدا، وهي أعلى ميزة.

 

هذا وقد حضرت حفل المناقشة، شخصيات وازنة في الساحة الأدبية والفنية والعلمية، نظرا للمكانة الاعتبارية المتميزة التي يحظى بها عبد الناصر لقاح إبداعيا وأكاديميا، إضافة إلى لجنة مناقشة أتثها جهابدة في الترجمة والنقد يترأسها الدكتور حميد العزوي، وتحت إشراف الدكتورة نادية العشيري.

 

وتجدر الإشارة إلى أن الدكتور لقاح، ذائع الصيت إقليميا وعربيا في مجال الشعر، إذ له إصدارات عديدة في الشعر والنقد وأدب اليوميات، إضافة إلى الترجمة.

 

وقد رصدنا بمناسبة هذا العرس الأكاديمي، العديد من الشهادات والارتسامات التي تعبر من موقعها احتفاءا بعبد الناصر لقاح الدكتور والشاعر والإنسان؛ هذه بعضها:

 

تشارك الشاعرة نعيمة زايد، لقاح فرحته فاصحة:

الشاعر المغربي عبد الناصر لقاح أحد أقطاب الشعر المغربي شاعر مدمن على المعرفة والتحصيل في اللغات العربية والفرنسية والإسبانية.

عبد الناصر بطبعه الصارم لا يعرف المجاملة والكذب والادعاء، ملتزم لبيته يحب الأسفار، معهود الحيوية والإقبال على الحياة.

عبد الناصر لقاح لم يكتب الشعر العربي فحسب، بل له العديد من الترجمات، قدم للعديد من الكتب الشعرية، له ديوان مشترك مع فريد الأنصاري رغم اختلاف المرجعيات.

من أجمل ما كتب أيضا يوميات في رمضان، فأنت تحس في أسلوب الرجل بتقنية السرد مما يدل على قدرته اللامتناهية.

إن حصوله على دكتوراة الدولة لم يكن عبثا نتيجة تحصيله الدؤوب ومعرفته الشاملة ومواظبته على التحصيل.

كان لي الشرف أن يكون أول من قرأ عملي البسيط دون مجاملة.

 

ويضيف الفاعل الجمعوي، محمد شخمان:

 

عبد الناصر لقاح إنسان بعمق البداوة، شاعر بعمق التحضر.

ابن جبل بويسغوان ضواحي بركان، مر من وجدة والقاهرة ومكناس، ولكل مدينة أثرها في شخصيته.

هو براءة طفل تسكن رجلا طيبا، وتماسك علم يسكن رجلا أكاديميا، لا يعرف من الحياة الاجتماعية إلا البراءة والطيبة والحب، ولا يعرف من الأدب والفن إلا الجمال والعاطفة ورقة الحياة.

حبه لا يشبه الحب في زمننا، فالحب عنده عذريا لا ينتظر تجاوبا ولا مقابلا.

بلغة الرياضيات عبد الناصر في الحياة الاجتماعية هو رجل بمعادلة من الدرجة الأولى، أما في الحياة الإبداعية والعلمية فهو رجل بمعادلة من الدرجة الثالثة.

لقاح، شاعر لا يستهويه سجع بكلمات منمقة، أو بناء قصيدة مشوهة بتقليد قوالب القدماء، بل إن حداثته الشعرية مبنية على دراسة علمية لعلم القدماء والمحدثين عربا وأجانب، وفي ذلك يحاول أن يطرح اجتهادا شخصيا ضمنيا وإن كان لا يعلن عنه.

هو رجل متعددة أذواقه ومشاهداته وأسماعه، فهو يتذوق كل أصناف الموسيقى الراقية واللوحات التشكيلية ذات الجمالية والعمق الإنساني بدءا مما يسمى “الفن الساذج” وانتهاء باللوحة التجريدية، كما تستهويه قراءة الفلسفة ومشاهدة الأفلام الرومنسية خصوصا الهندية منها.

هو رجل صعب المراس، لا يخاف لومة لائم، لا يداهن ولا يغازل. بالنسبة له السكوت عن قول ما يراه في وجه أصحابه ونقد أطروحاتهم هو الضغينة ذاتها.

 

الشاعر عبد الناصر لقاح يمارس أيضا السياسة، يمارسها كلعبة حب وقداسة موقف، وبذلك فهو ليس سياسيا بالمعنى الدقيق للكلمة بقدر ما هو مشاكسا في السياسة، إنه بمثابة الضمير الساذج في الجسم الموبوء للسياسة.

ولا يجب أن ننسى أيضا أن عبد الناصر لقاح ينتمي لعائلة شاعرة ولعائلة مقاومة.

أيضا لشعر عبد الناصر لمسة في رعاية قلب زوجته نصيرة وقلب أبنائه وجميعهم أربع شجيرات أمام بيته، والأصح بقلبه.

 

أما الأستاذ الجامعي، محمد القسطاني، جادت شهادته بالآتي:

 

أسعدني كثيرا خبر مناقشة صديقي عبد الناصر لقاح لرسالته من أجل نيل دكتوراه الدولة في الآداب.

 ليس لحاجة شاعرنا إلى شهادة أكاديمية تثبت جدارته العلمية وأهليته الثقافية، وإنما كاحتفال بطقس عرفي يتوج مسارا جامعيا وحياتيا حافلا بالإبداع والتدريس المعياري في مادة علمية بامتياز ألا وهي النحو.

 

أعترف أني لا املك المؤهلات العلمية والثقافية لتقدير شاعر كبير من قامة لقاح المتمكن من ناصية قواعد اللغة والمتكلم بسلاسة وطلاقة لعدة لغات. والقارئ النهم للآداب العالمية، والمسافر الكبير…

لكن يشفع لي أني اهتم بالشعر قراءة هاوية، وأظنني أستطيع تذوق ابداعته وتراجمه التي تعبر عن زوايا تهم الحياة عامة والاجتماعية خاصة.  

بل وحتى الشكل الذي يصوغ فيه أفكاره وجمله والفاظه وقوافيه، شكل ينم عن موهبة لا تكلف فيها، حيث تعبر عن رجل ليس شاعرا في الدواوين والصالونات والمناسبات، إنما شاعر أسلوب في الحياة، في الحب والهندام والصداقات والمواقف والرؤى، بكلمة واحدة شاعر وفقط… وما بالقليل ذلك اللقب.

ويضيف في ختام شهادته “فرحت لك عبد الناصر وموعدنا معك في ألف قصيدة وقصيدة”.

 

من جهته الشاعر محمد الرجواني، يهدي للمحتفى به لقاح، قصيدة، عنونها ب “من ظل الأمل والألم” وهذا مطلعها:

 

كيف تسأل الشوك عن أبواب الظل السفلى

أو كيف تجتر الشوق

لعينيها بريق من الفرح

ولنا إشراقة المنافي

الظلال مواقع يابسة في الروح

قبل أن تنشر أجنحتها في لوحة الحلم

يمر من الهنا صديقي لقاح

يلقي التحية دون عناد

 

صديقي للحفلة يدعونا في ضيافة سبينوزا

أو الحلاج وبدر شاكر السياب

لا فرق

بين القرويين والقيروان 

وباريس العنفوان

ابن الفارض وفريد الأنصاري

 

يدنو بوجهه من غياب ممتد

في بيداء الشرق والغرب معا

لا فرق.

 

أيضا الدكتورة نادية العشيري، رئيسة لجنة المناقشة، تحكي عن لقاح الإنسان والشاعر والأستاذ الباحث، فتقول:

 

عبد الناصر لقاح إنسان خجول تجتمع فيه أصالة البادية وجرأة المدينة، أعرفه خجولا أصيلا، في نفس الوقت شرسا في الدفاع عن مبادئه ومواقفه وقناعاته.

 

لقاح أستاذا متمكنا، يأسر زملاءه وطلبته محبة واحتراما، كاريزما في الشعر، وصرامة في الإلقاء، في نفس الوقت لا تخلو شخصيته من روح الدعابة، يبدو تقليديا في تشبثه بالتراث، لكن النبيه فقط من يلمس حداثية فكره الذي ينير برصانة وثبات.

أكاديميا؛ ليس غريبا أن يتفوق ويتميز في أطروحته، وتبرز جوانب إضافية في شخصيته المتفردة، إذ أكد أنه ليس فقط عاشقا لبودلير وإنما وجود تناسخ شاعري وشعري ووجداني وفكري، بينه وبين بودلير وبين الفلسفة الشعرية لأطروحة البحث ككل.

عبد الناصر كان متميزا، وبهذه المناسبة أكد بالملموس والتوثيق أنه سيظل على عرش التميز أكاديميا وشعريا، أيضا إنسانيا.

 

ختاما؛ وبما أن المحتفى به شكل استثناء، سأنزاح بدوري عن أدبيات الصحافة وأدلي أيضا بشهادتي في حق شاعرنا الألمعي وأستاذي الذي علمنا فن الكتابة الرصينة.

 

إن عبد الناصر الإنسان، رجلا ذو هيبة ووقار، وروح دعابة مرحة مع من يرتاح لهم، متواضعا ومحترما، خالٍ من الادعاء والتبجح ووباء النرجسية، والمجاملات الجوفاء.

 

لقاح؛ ابن الجيلين، إن عاشرته خلته ثلاثينيا وربما أقل، لحركيته وشبابية عنفوانه، عاشق للسينما الهندية، منذ كانت للسينما دلالتها الجمالية.

 

الشاعر عبد الناصر لقاح، ينحدر من جهة الشرق، لكنه مكناسيا بالروح والمنبت والفطرة، من أسرة لقاحية أديبة.

 

لقاح شاعر من العيار الثقيل، كبير بشعريته وثقافته وموسوعيته، لا يحبذ أن يقال عنه شاعرا كبيرا، لكنه كذلك، ليست مجاملة من رفاقه وطلبته وقرائه، وإنما انعكاسا لأخلاقه وسماحته وتتويجا لفنيته وإبداعاته.

 

لقاح من الشعراء المكناسيين القلة الذي يركب البحر بسلاسة، وينتشل الروي من عال، ويقتفي آثار القوافي عن طواعية!!

 

عبد الناصر أستاذ جامعي، وأكاديمي، شرف مكناسة والوطن في عدة ملتقيات ومنتديات، تم كريمه مرات عديدة، إلى جانب موهبته الشعرية، له مقالات كثيرة بجرائد ومجلات، وأيضا ترجمات للإسبانية، وتقديمات لكتب ودواوين زملائه من الشعراء.

 

من أبرز مؤلفاته :

– ديوان الأرق، وجدة.

– شهوة الأشجار، مكناس.

– جداول الروح، (بالاشتراك مع فريد الأنصاري..

– أشجار نصيرة الجذلى، القنيطرة. (هدية لزوجته نصيرة) 

– مارية تبكي مارية تضحك، مكناس. 

 

من الصفات التي تميز لقاح عفويته وصراحته عندما يتعلق الأمر بقضايا الشعر وطرائق نظمه، فيقول للشاعر يميزك كدا وينقصك كدا، ويصارح المتشاعر بتشاعره، ويقول للمتطفلة على الشعر، ما أنت بشاعرة!

 

صفوة القول؛ مهما قلنا في الشاعر الجميل عبد الناصر لقاح، لن نفيه حقه.

لكن؛ يحق لمكناسة الحسناء أن تعتز وتفتخر بشاعر الزيتونة الأبي، لقاح القصيد والقصيدة، لذا يستحق أن يكون وجهة مشرفة للمدينة، وسفيرا للفن والثقافة بالعاصمة الإسماعيلية.

فهنيئا لنا بشاعر وأكاديمي بقامة عبد الناصر لقاح.

وأخيرا؛ هنيئا لأسرة لقاح الصغيرة والكبيرة بهذا التتويج الذي حتما لن يكون الأخير.

شاهد أيضاً

الدكتور عبد الله منيوي يلقي محاضرة حول “الذكاء الاجتماعي والتوظيف الرقمي” بفاس

الدكتور عبد الله منيوي يلقي محاضرة حول “الذكاء الاجتماعي والتوظيف الرقمي” بفاس الشاملة بريس بالمغرب …

دورة تكوينية بطانطان لتعزيز آليات الرصد والتتبع في حماية حقوق المرأة والطفل

دورة تكوينية بطانطان لتعزيز آليات الرصد والتتبع في حماية حقوق المرأة والطفل الشاملة بريس بالمغرب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *