الشاملة بريس- بقلم: محمد الغياط 
شكلت المخيمات التربوية الفضاء العملي للنشاط التربوي للتربية على مهارات الحياة و التنشئة الاجتماعية خارج الاسرة والمدرسة والشارع ، وقد ظهرت انشطة التخييم خلال عصر الثورة الصناعية في اروبا ابان حركة التصنيع والهجرة من البادية الى المدن وانقسام المجتمع الى طبقات اجتماعية وظهرت بعض التفاوتات والفوارق الاجتماعية بسبب الفقر والاستغلال ومن ثم كان التفكير في حماية الطفل خلال الوقت الحر للتخيف من اثار الحرمان الذي كانت تعيشه الطبقة الفقيرة في اروبامابعد الحرب العالمية الثانية ….
هذا النشاط الذي عرفه المغرب بشكل تقليدي قبل الحماية الفرنسية على شكل ماكان يعرف ” بالنزاهة ” في نهاية الأسبوع من طرف الكتاتيب القرآنية، ومن خلال بعض اشكال الترفيه والتسلية التى كان ينظمها المغاربة على شكل خرجات احتفالية في للمواسم الدينية والثقافيةبشكل متقطع وغير منظم …
ولم يعرف المغرب نشاط التخييم بشكل منظم الا سنة 1940على يد المسعتمرين الفرنسيين الا ان الاستفادة كانت مقتصرة على ابناء الفرنسيين والأجانب وقلة من اليهود وبعض من اطفال الاعيان المغاربة ……………..
وكانت اقامة اول مخيم وطني سنة 1948حيث بلغ عدد المستفيدين 1340مشاركا وبعدها سن 1949نظم اول تدريب للمغاربة باللغة العربية حيث ثم ترجمت البرامج والعروض إلى العربية من طرف المؤطرين في قطاع الشبيبة والرياضة …، ومنذ ذلك الحين تزايد الإقبال من طرف الاسر المغربية على نشاط التخييم حيث بعد الاستقلال سنة 1956وصل عدد المستفيدين 18.928مستفيد من نشاط المخيمات الصيفية .
و شهد كذلك ارتفاعا سنة 1977مايناهز55000مستفيد ثم انتقل عدد المستفيدين سنة 2010الى مايناهز000. 250 مستفيد .
لقد راهنت الحكومات والجمعيات على ان تجعل من التخييم نشاطا لا يتجزأ من برامجها اعمالا بمباديء الاعلان العالمي لحقوق الطفل الذي ينص على حق الطفل في الراحة والترفيه واستثمار اوقات الفراغ ومحاولة الالعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لسنه والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية وفي الفنون ، وتوفير الفرص الملاءيمة والمساواة للنشاط الثقافي والفني والاستجمامي ، وكذلك عملا باحكام الدستور المغربي الفصل 13الذي ينص على التربية والشغل حق للمواطنين سواء …
والجدير بالذكر ان نشاط التخييم ارتبط باختصاصات وزارة الشبيبة والرياضة منذ نشاته بالمغرب وشهد مجال التنظيم الاقتصار على قرارات وزارية ومذكرات تنظيمية لتدبير وتنظيم مراكز التخييم وتكوين الاطر سواء علي مستوي الادارة او شروط الاستفادة او تاطير الأنشطة التربوية والثقافية المزاولة في مراكز التخييم ، الا ان القفزة النوعية التي شهدها قطاع التخييم سنة 2021 ،تتجلي في المرسوم رقم 221.186الصدر في 8ستنمبر 2021بتنظيم مراكز التخييم التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالشباب ،
يتكون المرسوم من ستة ابواب و24مادة
الباب الاول : مقتضيات عامة
الباب الثاني :التنظيم الاداري
الباب الثالث : تاطير الأنشطة التربوية والثقافية والترفيهية والبدنية
الباب الرابع :شروط الاستفادة من خدمات مراكز التخييم .
الباب الخامس : مراقبة مراكز التخييم
الباب السادس : مقضيات ختامية.
والمرسوم ينظم مراكز ونشاط التخييم بشكل قانوني ، ويحدد المهام والمسؤليات والخدمات وشروط الاستفادة والمراقبة والتاطير الاداري و البيداغوجي والتربوي…
قد جاء المرسوم القانوني بعد توقف نشاط التخييم لمدة سنتين بسبب وباء كورونا واعتقد الجميع أن الوزارة الوصية ستحتفظ على المكتسبات كحق للاطفال المغاربة والمتمثل في عدد 250 الف مستفيد .
وخلال انطلاقة البرنامج البر نامج الوطني بتاريخ 1ابريل 2022 صرح رءيس الجامعة الوطنية للتخييم ان البرنامج سيهم 250الف مستفيد هذه السنة على مدي خمس مراحل وان المرحلة ستعرف تقليص في الايام 10 ايام بدل 12يوما نظرا لأسباب غير منطقية ،
لكن بعد مرو ر مدة على الاعلان عن انطلاق البرنامج الوطني للتخييم 2022 الذي انطلق متأخرا عن موعده ،
تشاع بعض الاخبار عن تقليص عدد المستفيدين الى 90الف مستفيد من بينها 19الف حصة الجمعيات الوطنية والجهوية والمحلية التي يبلغ عددها 989جمعية .في حين لم تحدد خريطة التخييم .
نتساءل اليوم عن أسباب هذا التراجع عن المكتسبات التى سبقت ان حققتها الحكومات السابقة لفاءيدة الاطفال المغاربة في مجال التخييم ؟
لماذا التراجع عن عدد 250 الف علما ان عدد الاطفال في سن التخييم في المغرب يتعدون 6ملايين طفل وطفلة من حقهم التمتع بالعطلة ….؟
اين الترافع الذي كانت تقوم به جمعيات الطفولة والشباب من اجل ضمان حق الطفل المغربي في الاستفادة من المخيمات الصيفية وخاصة الجامعة الوطنية للتخييم واتحاد المنظمات التربوية المغربية والجامعة الوطنية للكشفية المغربية ؟
لماذا هذا الصمت عن التراجع في الحقوق والمكتسبات ؟
هل اكتفت الجمعيات الوطنية المنضوية تحت لواء الجامعة بحصتها ولم تعد لها اهتمام بمايجري على الساحة الوطنية ؟
اين دور المؤسسات البرلمانية والمجالس المنتخبة،؟ لان مسألة التخييم شان عمومي بامتياز وتعني حق من حقوق الطفل المغربي (حق التربية والتمتع بالراحة والعطلة ..،)…
ان مانتوخاه من المشرفين على البرنامج الوطني للتخييم اليوم هو التحلي بالحكامة الرشيدة وتدبير المراحل باسلوب جديد يتولى حسن التنظيم وتوزيع المسؤليات وتعين الانسان المناسب في المكان المناسب وادارة توزيع الحصص على الجمعيات بنوع من الشفافية واشراك الفاعلين والجمعيات بمقاربة تشاركية وتحقيق جودة الخدمات وحسن التدبير مركزيا ومحليا والسهر على راحة الاطفال وسلامتهم وتلبية حاجياتهم والاهتمام بالجانب الصحي والاحتياطات الاحترازية والامنية لتفادي وقوع مخاطر تضر بالاطفال في وضعية حالة الطواريء التي تفرضها ظروف عودة انتشار وباء كوفيد 19، وما يتطلب الامر من إجراءات وقاءية من خطر الوباء وخاصة في ظروف الاختلاط الجماعي.
وهذا كله من اجل اعادة الاعتبار لنشاط التخييم الذي بدء يفقد هويته وسمعته داخل المجتمع المغربي وخاصة بعد الملاحظات التى ابداها المجلس الاعلي للحسابات بخصوص سوء التدبير في بعض المخيمات خلال العشرية الاخيرة .
محمد الغياط استاذ باحث في علوم التربية تخصص علم النفس التربوي الرباط في 22\6\2022