الفيلم القصير “أفول الشمس” الهجرة الداخلية
الشاملة بريس- بقلم: الأستاذة مليكة العسري/ رئيسة مصلحة الشؤون الثقافية والفنيةالمدرسة العليا للتكنولوجيا جامعة مولاي إسماعيل مكناس
وأنت تشاهد فيلم» أفول الشمس « للمخرج بكيار محمد يخيل إليك أن الفيلم يعالج موضوع الهجرة الى الضفة الأخرى.
فعلا الفيلم يعالج موضوع الهجرة، ولكن من زاوية أخرى يختلف تماما عن ما ترسخ في أذهاننا من قوارب الموت والعبور إلى الفردوس المفقود.
الفيلم يحمل عمقا نفسيا وانكسارا روحيا وهجرة داخلية تتمثل في معاناة الشخصية الرئيسية التي فقدت كل شيء.
البطل هجرته روحه وبالتالي هجر كل شيء وترك وراءه كل شيء.
وقوفه كل يوم أمام البحر يتأمل غروب الشمس ويأمل رجوع ابنه الذي يعود أو لا يعود، ما هو إلا ذريعة يمني بها النفس و كأنه في قرارة نفسه يتمنى رجوع شبابه وسنوات عمره الضائعة .
البطل منهك، حزين، ترك وراءه كل شيء.
هجرة البطل هجرة نفسية، داخلية، هجرة الروح، هجرة الأيام الضائعة، هجرة لكل ما يملك. هجرة ألم يمزق روحه ويسكن ضلوعه .
ـ العصفور حزين ووحيد، حزن البطل، تغريده لحن شجي وحزين يترجم الحالة النفسية المدمرة للبطل.
ـ البطل له شرخ داخلي، يعاني ألم، ضياع، فقدان، فحتى عاطفة الأبوة لم يستطع ممارستها نظرا للظروف القاسية التي مرت به.
ـ صورة الابريق وهو يغلي فوق النار، ما هو إلا ترجمة للغليان الداخلي الذي يعاني منه البطل، اكتفاؤه بما قل من الطعام، ومائدة الافطار البسيطة جدا، تعبير على عزوف البطل كل ملذات الحياة وشهواتها. حلمه الوحيد أن يكمل تصوير قصة حياته ، و متعته الوحيدة صوت آلة العرض السينمائي وهي تدور لتطوي بين طياتها أيامه وأحلامه وكل متمنياته.
فيلم يحمل من العمق النفسي ما يحمله، ويترجم تلك الهجرة الداخلية التي تمزق الروح، والتي لا يحسها إلا كل من وقف على آخر عتبة من العمر وهو يتأمل كل ما ضاع من حياته.
فما أوجع ان تهاجر الروح الجسد، وتتركه منهكا، متعبا، متوجعا، متألما يجر أذيال الخيبة ليقف أمام البحر يبثه شكواه في صمت.
مقال نال إعجابي جدا حيث رأيت كدلك فيلم افول الشمس .سكرا أستاذتنا الفاضلة .
شكراً لكم