قراءه في نتيجة الانتقاء الأولي الخاص بشغل مهمة قيم على المكتبة بمؤسسات التفتح الفني والأدبي التابعة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين جهة فاس مكناس برسم الموسم الدراسي 22/23
الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- فاس: محـمد أمقران حمداوي
أعلنت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فاس مكناس في نهاية الموسم الدراسي المنصرم 21 / 22 عن مباراة لشغل مهام إدارية وتربوية بمؤسسات التفتح الفني والأدبي، وظلت بعض الأطر التربوية والإدارية التي اجتازت هذه المباراة لشغل بعض المهام بمؤسسة التفتح ( أم أيمن) بمديرية فاس تنتظر بفارغ الصبر صدور نتائج المقابلات الشفوية في غياب أي بلاغ رسمي يكسر حاجز الانتظار والترقب الذي انتصب أمامها لمدة سنة كاملة جراء تأخير الإعلان عن النتائج، أو قل عدم الإعلان عن النتائج. وفي نهاية الموسم الدراسي 22/23 فوجئ بعض الأساتذة والإداريين الذين اجتازوا هذه المباراة بمديرية فاس بإلغاء مقابلات الموسم المنصرم والإعلان من جديد عن مباراة أخرى بنفس الشروط والمواصفات بتاريخ 07/07/2023 مع إضافة شرط التعيين بالمؤسسة وتوقيع محضر الدخول بها. وبعد صدور نتائج الانتقاء الأولي الخاص بهذه المباراة فوجئ من جديد بعض الأساتذة الذين ترشحوا لشغل مهمة قيم على المكتبة بعدم ورود أسمائهم ضمن لائحة المنتقين علما أنهم مستوفون لكل شروط القبول التي حددتها مذكرة المباراة، وأكثر من ذلك تم انتقاؤهم في الموسم المنصرم لاجتياز هذه المباراة التي لم يطرأ فيها أي تغيير على شروط ومواصفات المترشحين. في ظل هذا التوتر الذي يعيشه الأساتذة المقصيون من اجتياز هذه المباراة تناسلت الإشاعات وتواترت التأويلات وكثر القيل والقال حول إطار أو صفة المرشحين المنتقين لشغل مهمة قيم على المكتبة: فمن قائل إن الأكاديمية، بسبب الخصاص المهول في الأطر التربوية، رجحتْ انتقاء ملحقين تربويين أو ملحقي الإدارة والاقتصاد. إذا صحت هذه الإشاعة فإن الأكاديمية خالفت منطوق ومفهوم المذكرة المنظمة للمباراة المذكورة والتي تنص على أن مهمة قيم على المكتبة يجب أن تُسند لإطار تربوي.
ومن قائل إن مهمة قيم على المكتبة هي مهمة إدارية، لذا يجب أن تُسند لإطار إداري. إذا صحت هذه الإشاعة فإن الأكاديمية وقعت في حالتين متناقضتين: الحالة الأولى: يمكن أن نعتبر فيها الأكاديمية على صواب لأنها استندت إلى مرسوم وإلى رسالة وزارية: – المرسوم رقم: 2.02.854 الصادر في 10 فبراير 2003 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية الذي يحدد مهام رجال التعليم في التدريس. – الرسالة الوزارية رقم 4996 – 2 بتاريخ 24 دجنبر 2012 في شأن تكليف أطر التدريس بمهام إدارية. في هذه الحالة سيردد الأساتذة المشتكون: إذا ظهر السبب زال العجب، وسيطمئنون لأن هناك مرسوما ورسالة وزارية يمنعان الأطر التربوية من التكليف بمهام إدارية. والإدارة في هذه الحالة – من حيث القانون – لها الحق في التراجع عن بعض قراراتها إذا رأت أن المصلحة العامة تقتضي ذلك.
الحالة الثانية: يمكن أن نعتبر فيها الأكاديمية على خطإ أو قل جانبت الصواب لأن المذكرة المنظمة للمباراة اشترطت أن يكون المترشح لشغل مهمة قيم على المكتبة إطارا تربويا. وبالتالي لا يجب أن تُسْنِد الأكاديمية هذه المهمة لأي إطار إداري كيفما كانت صفته ( مدير، حارس عام، ملحق تربوي…). في هذه الحالة سيردد المشتكون: ” ظهر السبب وزاد العجب” . والإدارة في هذه الحالة كان عليها أن تصدر بلاغا رسميا يبدد كل التأويلات ويبين أن االمصلحة العامة تقتضي ذلك.
هذا من جهة. ومن جهة أخرى إن المباراة الجديدة المُنظَّمة برسم الموسم الدراسي 22/23 ، حسب منطوق المذكرة المنظمة لها، لم تعد مباراة لانتقاء أطر مكلفة بمؤسسة التفتح الفني والأدبي بما تحمله كلمة التكليف من معانٍ ودلالات، إنما هي مباراة لانتقاء أطر سيتم تعيينها بالمؤسسة، بما تحمله كلمة التعيين كذلك من معانٍ ودلالات، وستوقع محضر الدخول بها، وإن كانت المذكرة قد أشارت إلى أن هناك لجنة ستقوم بتقويم عمل المنتقين، وسيوضع رهْن إشارة المديرية كل من ثبت إخلاله بمهمته، أو ليس مؤهلات للقيام بها. وهناك ملاحظات أخرى لا بد من إبدائها والإمعان في سطورها وما بين سطورها: الملاحظة الأولى: لم يتم انتقاء أي مترشح من مديرية فاس لشغل مهمة قيم على المكتبة. ربما هذا راجع إلى الخصاص المهول الذي تعيشه المديريات على مستوى الأطر التربوية والإدارية. إذا صح ذلك كان على الأكاديمية، وهي العليمة بوضعية الخصاص، أن توجه هذه المذكرة للأطر الإدارية خارج مديرية فاس فقط، لأن الأساتذة الذين قدموا ترشيحاتهم لمهمة قيم على المكتبة من مديرية فاس قاموا بجمع عدد كثير من الوثائق في ثلاثة نظائر بما فيه إعداد المشروع والرسالة التحفيزية، ناهيك عن عدد كثير من الوثائق التي يرون أنها تؤهلهم للقيام بهذه المهمة مثل الشواهد التقديرية التي تثبت قيامهم بأنشطة تربوية وثقافية وبتأطير محاضرات والمشاركة في ندوات. لا يُعقل والحالة هذه أن يُقْصوا في آخر لحظة. الملاحظة الثانية: يجب أن تأخذ الأكاديمية بعين الاعتبار أن مباراة ولوج مؤسسات التفتح للموسم الدراسي 22 / 23 هي مباراة تعيين وليس مباراة تكليف. وبالتالي يجب ألَّا يُقصى الأساتذة من الترشح لها، وذلك حفاظا على مبدإ تكافؤ الفرص شأنها في ذلك شأن مباراة التفتيش ومباراة التخطيط والتوجيه. بحيث يجتاز المبارتيْن الأخيرتيْن جميعُ الأساتذة بغض النظر عن وضعية الخصاص. الملاحظة الثالثة: المذكرة المنظمة للمباراة اشترطت أن يكون المترشح لشغل مهمة قيم على المكتبة إطارا تربويا. وبالتالي لا يمكن من الجانب القانوني ولا الإنساني حرمان إطار تربوي من الترشح لمباراة تعيين بدعوى الخصاص أو لأي سبب من الأسباب غير المنصوص عليها في مذكرة المباراة.
الملاحظة الرابعة: القيم على المكتبة لا تنحصر مهمته في ترتيب الرفوف وتنظيم الصفوف وتسجيل الكتب أثناء الإعارة والإرجاع. كلَّا ثم كلا. إن مهمته أعمق وأكبر من ذلك. القيم على المكتبة محاصر بمسؤوليتين: أ – مسؤولية خفيفة جدا: تتمثل في إعارة وتسجيل وتصنيف وفهرسة الكتب. وهذه المسؤولية يمكن أن يتحملها أي شخص كيف ما كان إداريا أو تربويا أو قُـلْ يتقن القراءة والكتابة فقط لأنها لا تتطلب مهارات معقدة. ب – مسؤولية جسيمة جدا: تتجلى في تأطير الأنشطة التربوية والثقافية. وهذه المسؤولية لا يتحملها ولا ينجح في أدائها إلا من قام بتأطير أنشطة تربوية وثقافية وقرائية، وشارك في ندوات، وألقى محاضرات في مناسبات احتفالية متنوعة لفائدة المتعلمين، ومارس البحث التربوي، وأصدر كتبا لفائدة المتعلمين أيضا. الملاحظة الخامسة: حسب علم المكتبات تُناط بالقيم على المكتبة المهام التالية:
– القيم تناط به مهمة تنشيط عدة فقرات منها: نشرة المكتبة، معرض المكتبة، الإذاعة المدرسية، جمعية أصدقاء المكتبة… – القيم على المكتبة يقوم بأنشطة ثقافية تتجلى تنشيط نادي الكتاب، ونادي الشعر، ونادي الصحافة، وساعة الحكاية، ومسابقة رالي القراءة، وتحدي القراءة… – القيم على المكتبة يقوم بإلقاء وتنشيط وتسيير محاضرات ومناظرات. ويشارك في ندوات. ولا يمكن أن يقوم بهذه المهمة إلا من خبر مهمة التنشيط والبحث والتأليف وإلقاء محاضرات وتسيير لقاءات فكرية أو أدبية أو شعرية… فمثلا المكتبة الوطنية بالرباط لا تقتصر على تصنيف وتسجيل وفهرسة الكتب، بل تقام على هامش هذا العمل الإداري مهام التنشيط الثقافي الذي يتجلى مثلا في إلقاء وتأطير وتنظيم محاضرات. – القيم على المكتبة يجب أن يكون ملما بمهارة تلخيص الكتب وبمهارة الكشف في المعاجم العربية. وقمين بالإشارة والملاحظة أن القيم على المكتبة تناط به مسؤولية ثقيلة لا يمكن أن تسند إلا لمن يمتلك القدرة على القيام بمهام عديدة منها على سبيل المثال ما يلي: ● الارتقاء بالفعل القرائي بطرق مختلفة. ● نشر ثقافة القراءة بين المتعلمين، والتحسيس بأهمية الكتاب في الحياة المدرسية واليومية؛ ● إكساب المتعلِّمين حصيلة لُغوية نامية في المفردات والتراكيب، والعبارات والأساليب، والأفكار. ● خدمة اللغة العربية من خلال تعويد المتعلمين على الارتقاء بمستوى التعبير عن الأفكار. ● تنظيم أنشطة ثقافية وإلقاء محاضرات في مناسبات مختلفة (المسيرة الخضراء، وثيقة المطالبة بالاستقلال، اليوم الوطني لمحاربة الرشوة، اليوم العالمي للمرأة، اليوم العالمي للشعر…) ● تنظيم معارض للكتاب في المؤسسة. ● ترسيخ ثقافة قراءة كتاب في الشهر يناسب المستوى العمري للأطفال. ● ربط علاقات مع منسقي الأندية القرائية بالمؤسسات التعليمية قصد إعداد قصص قصيرة للتباري بها في المهرجانات الإقليمية والجهوية والوطنية. ● تنظيم ورشات حول كتابة القصة القصيرة يؤطرها أساتذة مختصون . ● تنظيم مسابقات ثقافية تخصص لها جوائز رمزية وشهادات تقديرية. ● إعداد مجلة حائطية تتضمن ثقافة عامة إضافة إلى التعريف ببعض الأعلام الأدبية والشعرية. ● تنشيط أمسيات شعرية في نهاية كل دورة دراسية.
ويمكن للأكاديمية، ضمانا لنجاح ورشة المكتبة، أن تأخذ بعين الاعتبار هذه المهام وإلا ستخبط خبط عشواء وستحرك مسطرة الإعفاء بين الحين والآخر في حق من لم يكن انتقاؤه سليما.
الملاحظة الخامسة: بعد صدور النتائج النهائية للمباراة المنظمة برسم الموسم الدراسي 22/23 فوجئ المتبارون حول مهمة قيم على المكتبة بأن هذه المهمة لم تُسند إلا لمؤسسة واحدة من مؤسسات التفتح الفني والأدبي بالجهة. ربما المتبارون حول هذه المهمة غير مؤهلين لإنجاح ورشة المكتبة كفضاء تنشيطي. هذا وارد ومقبول بنسبة كبيرة. ربما الأكاديمية ارتأت في آخر لحظة أن هناك خصاصا في الأطر على مستوى المديريات، لذا من الأحسن أن تبقى دار لقمان على حالها وهو أخف الضررين. وهذا وارد ومقبول بنسبة كبيرة. وأكثر من ذلك الإدارة – من حيث القانون – لها الحق في التراجع عن بعض قراراتها. ما ليس مقبولا بنسبة كبيرة هو أن ينتظر المتبارون من جديد هل سيُسند هذا المنصب لإطار من الأطر أم ستطبق الأكاديمية مقولة : كم حاجة قضيناها بتركها. الأفيد أن يصدر بلاغ رسمي يكسر حاجز الانتظار ويزيح صخرة سيزيف عن المنتقين الذين اجتازوا المقابلة الشفوية.
أتمنى أن تكون رسالتي قد وصلت، وآمل أن أكون قد وفقت في هذه القراءة. وما توفيقي إلا بالله.