وانتصرت غزة …
الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- بقلم: ذ. عمر الهواوي
قد يبدو للكثير من المتابعين للتطورات المتسارعة اليومية التي تعرفها غزة الابية ، ان المقاومة الفلسطينية وصلت الى الباب المسدود. خاصة قي ظل الارتفاع المهول لعدد الشهداء من الجانب الفلسطيني ؛ اذ تقدر مصادر اعلامية ان مقابر جماعية تعرفها مدينة غزة ؛ تضم يوميا عشرات ان لم اقل المئات ؛ لكن المتتبع الدقيق لمجريات الأحداث و الذكي القاريء لما وراء السطور يدرك جيدا ان إسرائيل في ورطة حقيقية ؛ بل ان المقاومة في اعتقادي لحد الان انتصرت انتصارا مبهرا بمستويات متعددة ؛سيكون له تاثير دولي وعربي واسلامي .
فبالنسبة لانتصار المقاومة يمكن رصده من خلال زوايا متعددة يمكن اجمالها كالاتي :
الانتصار الاخلاقي :
يشهد العالم اجمع ان المقاومة اعطت دروسا في الاخلاق في الحرب الجارية الان .ويكفي ان اذكر عملية اطلاق سراح الرهينتين ، وما ستتلوها من عمليات اخرى… وما رافق المشهد من تصريحات عن حسن المعاملة؛ جعلت الجميع يقف احتراما وتقديرا للقابضين على الجمر في خنادق غزة. بل ان اللقطة التي بثها الاعلام العالمي للأسيرة وهي تودع احد افراد المقاومة ،وتصر على السلام عليه؛ كانت مؤثرة جدا جدا و في مقابل ذلك، نجد ان العدو الصهيوني مارس حربا قذرة استهدف فيها فقط المدنين العزل ؛من اطفال وشيوخ وعجزة ؛تعبيرا منه عن عجر المطلق ، وانحطاط الاخلاقي فظيع غير مسبوق .
الانتصار العسكري :
يتجلى في قتل المقاومة لعدد من الجنود الاسرائيليين
،واسر اخرين باعتراف اعلام العدو؛ هذا فضلا عن العجز الكلي عن الاقتحام البري الذي هددت به القوات الاسرائيليه اكثر من مرة. بل يمكن القول ان اسطوانة الجيش الذي لا يقهر تحطمت في هاته الحرب التي عجزت فيها القوات الإسرائيلية ان تستهدف مقاوم واحد من كتائب عز الدين القسام؛ الجناح العسكري لحركة حماس؛ بل ان القدرات العسكرية لكتائب القسام ابانت عن احترافيتها في استخدام عنصري المباغتة والمفاجأة سواء على المستوى الميداني او على مستوى الأسلحة المتطورة المستخدمة .
الانتصار الاعلامي :
رغم ان حماس لا تملك ما يملكه جيش العدو من اجهزة مهمة متطورة غلى المستوى الاعلامي ؛الا ان الطريقة ا التي تدار بها المعركة اعلاميا؛ تجعلنا نقف بكثير من الانبهار لهؤلاء الرجال. وهو امر يمكن ملاحظته من خلال تنويع الخروج الاعلامي للقيادة بين ابو عبيدة وهنية ومشعل ؛ وكذلك توقيت الخروج المضبوط والمقصود ؛ والاهم من هذا كله هو صدق المعلومات المدلى بها . وغني عم القول ان المجتمع الإسرائيلي يثق في تصريحات ابو عبيدة اكثر من تصريحات نتنياهو المضللة.
هاته الانتصارات المستمرة والمتنوعة سيكون لها بكل تاكيد تاثير على المستوى العربي والاسلامي والدولي
على المستوى الدولي :
اي حرب كيفما كان نوعها ، لابد ان بكون لها تاثير على باقي الدول، وان لم تشارك ميدانيا في القتال .واذا سلمنا ان العالم اصبح عبارة عن قرية صغيرة يتم فيها التبادل اليومي للمصالح و الثقافات والاديولوجيات ، ندرك جيدا حينها ان ماحدث وسيحدث في غزة سيكون له ابعادة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية على كل افراد دول المعمور .وفي اعتقادي ان التاثير الحقيقي كان وسيكون هو تغير النظرة النمطية للانسان الغربي للانسان العربي القائمة غلى الدونية والاحتقار والجبن
على المستوى العربي :
الدول العربية وخاصة التي انخرطت في التطبيع ستكون هاته الحرب بالنسبة لها مناسبة لمراجعة خياراتها وتحالفاتها بل ستغير الكثير من القناعات التي ظلت راسخة لدى الكثير من حكامها الذين انخرطوا في عملية التطبيع بهدف غير معلن . هو ولا شك الحفاظ غلى عروشهم الى اطول مدة ممكنة. ولعل هاته الحرب رسالة قوية لهم ان اسرائيل عاجزة عن حماية نفسها ناهيك عن حماية غيرها .
على المستوى الاسلامي :
الدول الاسلامية في اعتقادي الان اصبحت امام حرج حقيقي ،و لم يعد لها سوى خيارين لاتالث لهما : اما ان تكون منسجمة مع مبادئها وتبقى وفية لما تضمنته دساتيرها من بنود. و تقوم بترجمتها فعليا على ارض الواقع؛ لان الدفاع عن الاقصى لبست مهمة حماس وحدها بل هي مهمة كل المسلمين . واما ان اي تردد او تتاقل .من الان فصاعدا سيعطي مصداقية اكثر وحرية اكثر للحركات الاحتجاجية التي اصبحت ترى في حركة حماس مدرسة متعددة الدروس بل ان الحرب الاخيرة اعطتها فعلا حرية اكثر وقدرة على الابداع والظهور والانبعاث من جديد .
وختاما قد تبدو هاته المقالة سابقة لاوانها على اعتبار ان الحرب لم تنتهي بعد ، و قد تعرف مفاجات وسيناريوهات وتطورات لا احد يمكن ان يتنبا بها… وهو امر متفق عليه ل؛ لكن المتفق عليه ايضا، انه لا احد كان يتصور هذا الصمود الاسطوري للمقاومة ، وهذا الضعف الملحوظ لجيش العدو الذي اظهر ضعفا كبيرا على جميع المستويات، وهي كلها امور تجعلني أنظر الى المستقبل بعين النصر ..هذا النصر المشهود في اليوم الموعد اراه قريبا وقد يراه الاخر بعيدا ..وما النصر الا من عند الله تعالى .