صمود المقاومة وتأثيره على الرأي العام
الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- بقلم: الدكتور محمد العبادي
تعتبر المقاومة أحد الوسائل الفعالة التي تستخدمها الشعوب والأمم للدفاع عن حقوقها ومصالحها، سواء كانت ضد الاحتلال الخارجي أو الظلم والاضطهاد الداخلي. وبغض النظر عن الوسائل التي تستخدمها المقاومة، سواء كانت سلمية أو مسلحة، فإن صمودها يلقى دائما اهتماماً كبيراً من قبل الرأي العام.
إن تأثير المقاومة على الرأي العام يكون ملحوظاً على مستويات متعددة. أولاً، يؤثر صمود المقاومة على تشكيل الرأي العام المحلي، حيث يعكس طبيعة الشعب الذي يقاوم و رغبته في نيل الحرية والكرامة والعدالة.
وهذا يزيد دعم المقاومة من شعبيته ودعمه من قبل المجتمع المحلي.
ثانيًا، صمود المقاومة خلال شهرين ونيف احدث تأثيراً كبيراً في الرأي العام الدولي، حيث جذب انتباه المجتمع الدولي إلى قضية المقاومة و ارغمهم على التضامن معها. وقد يؤدي هذه الدعم إلى زيادة الضغط على الجهة المعتدية وتحقيق المطالب المشروعة للشعوب المقاومة.
ثالثاً، لقد أثر صمود المقاومة على الرأي العام في الدول التي تدعم وتؤيد المحتلين ، حيث يسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان والظلم الذي يمارسه النظام المعتدي. وقد يؤدي هذا إلى تغيير في سياسات تلك الحكومات نحو المزيد من الانفتاح والديمقراطية.
لقد تفوقت المقاومة اخلاقياً أنها منحت الأبعاد الإنسانية اهتماماً عالياً، وأدركت أنها أحد أهم أسلحة المعركة التي تمنحها تعاطف فئة كبيرة من الجمهور الإسرائيلي والغربي ثم العربي والفلسطيني، وظهرت معالم ذلك في روايات البعض من الأسرى والمحتجزين لدى حماس، وغالبيتهم من النساء والأطفال ممن أفرجت عنهم الحركة عقب الاتفاق على عقد صفقة الأسرى .
وعملت المقاومة والجناح العسكري لحركة حماس، على تغيير الصورة السلبية التي رسمتها إسرائيل عنها عندما دمغتها بالإرهاب.
إن سفك الدماء الذي احدثته اسرائيل في غزة وصمودالغزاويين طالما قسّم العالم، ودفع بالشعوب إلى الشوارع للاحتجاج، وبعثر المجتمع الدولي.
ودفع المجتمع الدولي نحو مزيد من الاستقطاب في وجهات النظر، خاصة مع سيطرة المشاهد المروعة من الحرب على الأخبار وشبكات التواصل حول العالم.
على الرغم من أن الرأي العام كان بعيداً عن التوقع أو الوضوح، إلا أن هناك كانت تحولات مهمة من الولايات المتحدة إلى أوروبا امتدت أصداؤها عبر السياسة الوطنية”.
ورغم أن الدعم الإعلامي الغربي، خاصة الأمريكي و القيادات السياسية ووسائل الإعلام الغربية أظهرت انحيازاً شبه كامل للطرف الإسرائيلي خلال الأحداث الأخيرة، وقامت بتبرير كل الانتهاكات التي قامت بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة وسكانه، وقامت بتصوير هجوم حماس على أنه “هجوم إرهابي” تدفعه أيديولوجية متطرفة، وامتنعت عن إدانة إسرائيل، كما امتنعت عن مطالبتها بالالتزام بالمواثيق والأعراف الدولية، وعزفت عن المطالبة بوقف إطلاق النار، إلا أن توجهات الرأي العام الغربي لم تكن ذات تأثير شعبي كما السابق ،فمع بداية احداث غزة والصمود الأسطوري للمقاومة أدى إلى حدوث موجة تعاطف كبيرة معها خاصة في ضوء استهداف المدنيين العزل والأطفال والنساء والتدمير الممنهج للبنية التحتية بالقطاع، والتوسع في استخدام العنف المفرط ضد المدنيين الفلسطينيين، وفرض نزوح داخل القطاع، بدأ الرأي العام الغربي يشهد قدراً ملحوظاً من التمايز الداخلي.
مع انه كان هناك حرص على تصوير الأحداث الراهنة على أنها حرب بين حماس وإسرائيل وليست حرباً بين إسرائيل والشعب الفلسطيني المحتل، بل هناك حرص على تصوير هذا الصراع على أنه صراع بين “دولة ديمقراطية” ذات سيادة من ناحية، و”جماعة إرهابية” من ناحية أخرى، مثلها مثل حرب الولايات المتحدة الأمريكية على تنظيم “القاعدة”. أما القضية الفلسطينية أو مسألة الاحتلال الإسرائيلي فهناك محاولات لوضعها بمعزل عن الأحداث الحالية.
وكل هذا فشل فشلاً ذريعاً وحققت المقاومة انتصاراً اعلامياً واخلاقياً وعسكرياً ومهدت لحقبة جديدة على طريق التحرير وإن غداً لناظره قريب .