تراجع التعليم العمومي في المغرب: ضرورة تعزيز النزاهة ومحاربة الغش
الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- إعداد: شاشا بدر
كنت جالسًا في مقهى، وشاهدت مشهدًا صادمًا: شخص كان يملي عبر الهاتف لشخص آخر داخل قاعة الامتحان. هذا الحدث جعلني أفكر بعمق في حالة التعليم العمومي في المغرب، وكيف أنه لا يزال يتراجع. للأسف، ظاهرة الغش في الامتحانات أصبحت شائعة، مما يعكس العديد من المشكلات في النظام التعليمي والمجتمع بشكل عام.
إذا نظرنا بعمق، سنجد أن ضعف الرقابة والإجراءات الوقائية خلال الامتحانات هو أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار هذه الظاهرة. على الرغم من وجود قوانين وتعليمات صارمة لمنع الغش، فإن تطبيقها في الواقع يظل ضعيفًا. هذا الضعف يتيح للطلاب استغلال الثغرات الموجودة في النظام الرقابي وابتكار طرق جديدة للغش.
التكنولوجيا الحديثة تسهم بشكل كبير في تفاقم المشكلة. الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أدوات فعالة لنقل المعلومات بين الطلاب أثناء الامتحانات، مما يجعل عملية الغش أكثر سهولة وسرعة. هذا التحدي يتطلب من الجهات المسؤولة تطوير آليات لمواكبة هذه التطورات التكنولوجية والحد من استخدامها لأغراض غير قانونية.
من جهة أخرى، تعكس ظاهرة الغش بعض المشاكل الاجتماعية والثقافية في المجتمع. بعض الطلاب وأولياء الأمور يرون في الغش وسيلة سريعة لتحقيق النجاح دون التفكير في العواقب الأخلاقية والقانونية. الضغوط الاجتماعية والعائلية لتحقيق نتائج جيدة في الامتحانات تدفع الطلاب أحيانًا للجوء إلى الغش كطريق مختصر للنجاح.
يشعر بعض الطلاب بأن النظام التعليمي نفسه غير عادل. يشعرون بأنهم مضطرون للغش لتعويض نقص في الفرص أو الموارد التعليمية الجيدة التي تساعدهم على التحصيل بطرق شرعية.
للحد من ظاهرة الغش، يجب تبني مقاربة شاملة تتضمن تعزيز الرقابة خلال الامتحانات واستخدام التكنولوجيا بشكل إيجابي لتطوير آليات كشف الغش. بالإضافة إلى ذلك، يجب على النظام التعليمي التركيز على توعية الطلاب وأولياء الأمور بأهمية النزاهة الأكاديمية وتعزيز القيم الأخلاقية التي تشجع على التعلم والتحصيل بطرق شرعية.
يمكن للمدرسة أيضًا أن تلعب دورًا مهمًا في هذا الإطار من خلال تقديم دعم أكاديمي ونفسي للطلاب، وتوفير بيئة تعليمية محفزة ومناسبة تساعدهم على تحقيق النجاح بجهودهم الذاتية.
من المهم تعزيز دور المجتمع في مكافحة هذه الظاهرة من خلال نشر الوعي بأهمية التعليم القائم على النزاهة والشفافية. يجب تشجيع روح المسؤولية لدى الجميع لضمان مستقبل تعليمي أفضل وأكثر عدالة، حيث ينجح الإنسان بالبكالوريا بصدق وإخلاص، بعيدًا عن الغش والخداع.