زرياب الشعر وزمزم القصيدة محمد شنوف: لمكناس أكتب بعقلي وللقدس أكتب بقلبي

زرياب الشعر وزمزم القصيدة محمد شنوف: لمكناس أكتب بعقلي وللقدس أكتب بقلبي

الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- إعداد: زايد الرفاعي / باحث في الخطاب الإعلامي

 

تستعد فعاليات مهتمة بالشأنين الثقافي والأدبي بمكناس تنظيم أمسية تكريمية احتفاء بتجربة محمد شنوف الشعرية. محمد شنوف أو زرياب الشعر كما يلقبه أياقين الذوق الشعري, مكناسي الطبع والطبيعة من مواليد برج الحمل, اشتغل مدرسا للغة الإنجليزية, من أعماله الأديبة:
-ديوان: مِن هاجرَ يأتي زَمْزَمُهُ.
-ديوان: إليكِ انتَهَى الأمرُ.
-ديوان ثالث بعنوان: صَدًى في المَدى.
-ديوان رابع وخامس مهيئين للطبع. ناهيك عن القصائد المنشورة بصحف ورقية وإلكترونية محلية ووطنية وعربية, لعل أشهرها: الشعر رزق, نوارس العدل, إليك انتهى الأمر, سقيا للجوى, من سويدائي, لغتي, مكناس يا مكناس ما الخبر… وقصيدة “يا غزة الأحرار” التي يقول في مطلعها:
يَا رَبُّ غِثْنَا كُنْ لَنَا مَدَداً
إِنَّا عَدِمْنَا، خَطْبُنَا جَلَل

إن قصائد وأشعار زرياب إلى جانب تيمات الحب والجمال والطبيعة نجدها لا تخلو مجملها من القيم الكونية في قائمتها القضايا الإنسانية, لعل أبرزها القضية الفلسطينية.
كما أنجز حوارات صحفية وحل ضيفا في برامج أدبية محلية ووطنية وعربية, شارك بعدة ملتقيات ومهرجانات شعرية بربوع المملكة وخارجها.

تجدر الإشارة إلى أن شاعرنا سطع نجمه منذ نعومة قريحته الشعرية حيث تم الاحتفاء بدواوينه سلفا في مناسبات مختلفة تلتها تكريمات وضيافات شرف في تظاهرات عدة منها ما كان بمدن عربية.
هذا وقد تبوأ مراتب عديدة فكان مديرا لمنتديات وعضو لجن مسابقات عربية في الشعر.
من اهتماماته أيضا; نجده:
• فاعلا جمعويا وثقافيا وحقوقيا… إضافة إلى تقلده سابقا مسؤوليات لها صلة بالتعليم وأخرى بالسياسة والمجتمع المدني.
ولمعرفة زرياب الشاعر والإنسان عن كثب رصدناه بعيون نخبة من المثقفين والأدباء عبر تصريحات وشهادات عاشقة.

يصرح الشاعر ادريس الزايدي فيقول: هو الشاعر محمد شنوف الذي لا يهادن الكلمة. فهو يقلب في لغة الشعر مواطن الحب والجمال، وكأن ليس الشعر عنده غير البحث الذي يضني صاحبه لتخرج القصيدة في حلة موقعة بميزان الذهب. فهو يؤمن أن القصيدة حب يعرى ليُحَدّثَ في الكون صفاتِه التي تأبى السفور خارج الشعر. والشعر عنده لبوس الشيء للشيء، يتحقق في لغة تخرق الوجدان من خلال مسارات البحث عن المعاني التي تُنطقها الصياغة الناطقة بالمعنى وهو يتوزع ليحدث في الصورة كمالها وجمالها.


فالشعر عند شنوف صدى يستمر في الأحوال، عطشٌ ينادم أسرار الأسئلة، تلك الأسئلة التي توحد الكون في لغة الحب والعشق وانتزاع شهوة المدى البعيد من لعنة القلق الشعري, محمد شنوف رقصةٌ شاعرةٌ واستعارة لمعجم الوجود في موسيقى القصيدة العربية.

بدوره الدكتور محمد عفط الأستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة بمكناس, أجاد وأفاد مفصحا: ينجح الأستاذ شنوف في أن يخلق لدينا أجواء فرح دافئ في زمن الرداءة والتفاهة معا. لا يتمثل شاعرا فحسب، بل يستطيع من خلال كلماته وإيقاعاتها الباذخة أن يحمل إلينا ترانيم مسكونة بأعمق المشاعر وأصدق الخلجات. في كل قراءة لشعر شنوف أو استماع له تجد نفسك تجول في حدائق ذات بهجة لا تنضب، وتستمرئ أطاييب يتفاعل فيها الإنساني مع الجمالي بطريقة بديعة.
يسائل شنوف بمنجزه الشعري الكثير من ” مسلمات” انفراط عقد القصيدة “الكلاسية”، ويثبت بشكل مستمر أن الأمر يتجاوز بكثير تلك البساطة التي يطرح بها. وهو في كل ذلك يتحمل بكل ثقة واقتدار مهمة المستغور (le spéliologue) الذي لا يكتفي بالمعاني الغائرة، بل يجعل كل الشعر مشهدا لا يسمح بالخروج منه إلا حين يشاء.
ولاشك أن انغمار شنوف في الهم الإنساني في مختلف أبعاده ودرجاته، يلتقي لديه مع توق أثيل إلى أن تكون أشعاره ملتقى علامات نابضة بالحياة بكل ما يسكنها من إثارة وإغراب.
ذاك ما يمنح صوته تلك الطراوة التي لا تذبل تحت مطارق العابر والمبتذل، ويجعله مطلوب الحضور خاصة في لحظات غياب النصير.

أما ابن عروس الشمال الشاعر عبد اللطيف الهدار فكان بليغا دقيقا, فأفصح قائلا: قليلون هم الشعراء الذي يعتبرون الشعر ضرورة لابد منها، والشاعر محمد شنوف واحد من هذه القلة، ليس لكونه يبدع شعرا جميلا يحمل بصمته الخاصة، ويأتي بصور شعرية فريدة وغاية في الدقة والجمال، ويمجد في شعره القيم المثلى التي تُحصِّن إنسانية الإنسان، فحسب. وإنما لأنه اتخذ من الشعر فلسفة في الحياة، وأسلوبا راقيا للتعبير عن أحاسيسه ومواقفه وهواجسه, ومنهاجا يعتمده في نظرته للعالم. وإن شئنا الاختزال قلنا بكثير من الاطمئنان قد لا يؤاخذنا عليه أحد ممن عرفوا الشاعر وقرؤوا له: الشعر عند محمد شنوف [زمزم الوجود الإنساني] وحده يستطيع إرواء ظمأ الإنسان للجماليات العليا. فلا غرو أن يأتي شعره قمة في الإمتاع والإقناع، وروعة في التعبير والتصوير، ومثالا للاتساق والانسجام بين الإيقاع واللفظ والمعنى، ونموذجا يُحتذى لمن رام أن يرتقي في ملكوت الإبداع.
أيضا الشاعر عبد الناصر لقاح يعتبر شهادته مجروحة في حق شاعر صديق, يقول: في هذا المقام أجدني أتحدث عن صديق شاعر جيد الشعر قوي الحضور صارخ الموقف.
تصلني بالصديق الشاعر محمد شنوف وشائج كثيرة من المحبة والصداقة والموقف المشترك. نلتقي في شيء من بداوة تظهر في أحايين على مستوى إعلان الموقف الواضح دون تردد.
وأما عن شعره فإن فيه لميزات خاصة جدا, أجملها في الذي يلي:
• تشبث بعمود الشعر في شكله وفي كثير من موضوعه.
• تمثله الكبار الفطاحل من شعراء العربية وغيرها, فلا يعزب على الناظر في شعره أن يقف على أحمد شوقي والبارودي وكولردج…
• نزوعه الواضح إلى قصيدة الحب والإكثار منها وهو أمر أفهم منه ضيق الشاعر بقضايا السياسة التي خبرها وذهب فيها مذاهب شتى قبل تطليقها الطلاق الثلاث.
• شغفه الشديد بالأصول في اللغة بحيث لا يضع الكلمة من أجل انسجام إيقاعي ما لم تكن هي المقصودة في المعنى.
• صدقه الذي تقوله كل قصائده وهو صدق المنفعل الفاعل لا المتمحل المتصنع.
والخلاصة عندي أن الشاعر محمد شنوف شاعر قمين بكل التجلة والحب لما يبذل من جهد في سبيل الشعر في أعلى مراتبه.
أيضا الشاعر عبد الحق الفاطمي جاءت كلمته كالآتي: للإبداع حضوره وللحضور جماله وما بين صدق المشاعر وجموح الخيال تعزف أحرف محمد شنوف أجمل فصول الإبداع.
حرفه كريم كالغمام يسقينا شهدا ومطرا, ينبث بنا وردا وزهرا, ويغرقنا دهشة وسحرا.. دامت حروفه تنثر أريج اللغة على ضفاف الأبجدية.


من جهته الفنان الملتزم صلاح الطويل ركز في تصريحه على أسلوب شنوف, مفصحا: محمد شنوف شاعر بحق يستطيع قول ونظم ما لا يستطيع له كثيرون سبيلا, أسلوبه خاص وفريد, يحفر في اللغة ويغوص في المعاني، والصور الشعرية القوية، والشاعرة. معجمه يبدو تارة سلسا بسيطا وتارة صعبا ومعقدا, له شاعريته الخاصة، ومتمكن من أدواته, قصائد الشاعر محمد شنوف ليست سهلة على من يدعون الشعر، وطريقته ليست حائطا قصيرا يمكن القفز عليه. فهو يحترم قوانين الشعر، وأوزانه، وعروضه. أحترم فيه التزامه وتسخير خصائصه الفنية لخدمة موضوعات وقضايا إنسانية شائكة… فقط لا أدري لما يميل في قصائده إلى انتقاء مفردات وعبارات صعبة تحتاج معجما لفهمها بالنسبة للعامة. الشيء الذي جعلني لحدود الآن لم أتفاعل مع كتاباته لحنيا وموسيقيا. فهو شاعر كبير له مكانته القوية والمميزة حتى وإن شارك وسط مئات من الشعراء، والمستشعرين. إنه نقطة ضوء ساطعة وسط ظلام إبداعي باهث ولا يطاق.

بدوره ابن مدينة الحاجب الحسين نكور أدلى برأي مفاده: محمد شنوف شاعر كبير فذ ومتفرد، إنسان صادق ونبيل، تعرفت عليه من خلال العديد من اللقاءات الثقافية.. أعجب أولا بطريقة إلقائه الجميلة والأخادة، وأستمتع دائما بالقراءة له والإنصات لقصائده التي تنبع من تجارب الشعر العربي الأصيل، زرياب مكناس يجعلنا أمام تجربة شعرية مغربية متفردة تستحق كل التقدير والثناء والعرفان، لما قدمه من إسهامات جليلة للشعر المغربي خاصة وللشعر العربي عامة.
ولازلت أعتقد أن محمد شنوف لم ينل بعد حظه الذي يستحقه من التقدير والاعتراف والاحتفاء. ختاما; إن زرياب مكناسة, زمزم القصيدة, له مشاريع طموحة من شأنها إغناء تجربته الشعرية خاصة وإثراء الساحة الأدبية بشكل عام, المشروع الأول يتمثل في نظم ديوان باللغة الإنجليزية رغم ما تفرضه إكراهات لها علاقة بالوزن والإيقاع. والثاني إصدار ديوان في مجموعة من الشخصيات العربية الإسلامية. إضافة إلى مشروع ثالث يتجلى في كتابة سيرة ذاتية تعكس وتلخص حياة محمد شنوف الإنسان والمبدع في قالب سردي يزيح اللثام عن موهبة النثر التي ربما تضاهي موهبته في الشعر.

شاهد أيضاً

مسرح محمد الخامس يحتضن احتفالا رسميا بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة 2975

مسرح محمد الخامس يحتضن احتفالا رسميا بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة 2975 الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- …

مهرجان محمد بجية الثاني لفن التراث الغنائي

مهرجان محمد بجية الثاني لفن التراث الغنائي: دعوة عامة لعشاق الفن الأصيل الشاملة بريس بالمغرب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *