مريض نفسي يتجول عارياً بالعرائش: صرخة جديدة لتسليط الضوء على واقع الصحة العقلية
الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- مراسلة: انوار العسري
في مشهد صادم هزّ ساكنة العرائش، شوهد مريض نفسي صباح اليوم الجمعة وهو يتجول عارياً بشارع عمر بن عبد العزيز قبل أن يجلس بالقرب من مركز التسوق “بيم”، الأمر الذي أثار موجة من الذهول والصدمة لدى المواطنين والمارة الذين تابعوا الواقعة بقلق واستنكار.
هذا الحادث ليس الأول من نوعه بالمدينة، إذ تتكرر بين الفينة والأخرى مظاهر تجوال المرضى النفسيين في الشوارع دون أي رعاية أو حماية، وهو ما يكشف هشاشة الوضع الصحي والاجتماعي الذي تعيشه هذه الفئة، في ظل غياب مؤسسات متخصصة تستوعب حالاتهم وتوفر لهم العلاج والإيواء.
ورغم أن ظروف المعني بالأمر تبقى مجهولة، إلا أن صورته وهو عارٍ وسط الشارع تختزل معاناة صامتة، وتطرح تساؤلات عميقة حول مصير العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية ونفسية، ويُتركون في مواجهة الشارع وما يحمله من مخاطر على حياتهم وسلامة المجتمع.
عدد من المواطنين الذين عاينوا المشهد أعربوا عن استيائهم، معتبرين أن الحادث يعكس تقصيراً مؤسساتياً واضحاً في التعاطي مع ملف الصحة النفسية بالإقليم. وقال أحدهم: “لم نعد نتفاجأ برؤية مختلين عقليين يجوبون الشوارع، لكن أن يصل الأمر إلى أن يتجول شخص عارياً أمام المارة فهذا دليل على أن الوضع خرج عن السيطرة”.
فعاليات حقوقية وجمعوية دعت بدورها إلى ضرورة تحرك عاجل من السلطات المختصة، مؤكدة أن الوقت قد حان لإحداث مستشفى إقليمي للأمراض العقلية والنفسية بالعرائش، باعتباره مطلباً أساسياً يفرضه الواقع اليومي. فالمستشفى الإقليمي للا مريم، ورغم أهميته، لا يتوفر على جناح متكامل لرعاية المرضى النفسيين، مما يضطر العديد من الأسر لنقل ذويهم إلى مدن أخرى كطنجة وتطوان، وهو ما يزيد من معاناتهم المادية والنفسية.
ويرى متتبعون أن ترك هذه الفئة الهشة تواجه مصيرها في الشارع لا يشكل فقط تهديداً لسلامتها، بل أيضاً يضع المجتمع برمته أمام مواقف خطيرة قد تتحول إلى اعتداءات أو حوادث مأساوية كما وقع في حوادث سابقة.
الحادثة الأخيرة إذن، أعادت من جديد النقاش إلى الواجهة حول مسؤولية الدولة والجهات الصحية في توفير منظومة متكاملة للعلاج النفسي والعقلي، خاصة في ظل تزايد الاضطرابات المرتبطة بالضغط الاجتماعي والاقتصادي. كما أنها تطرح الحاجة إلى برامج وقائية، ترافق الأسر وتوفر لها الدعم اللازم لحماية أبنائها من الانزلاق نحو مصير مشابه.
إن مشهد مريض يتجول عارياً في قلب مدينة العرائش ليس مجرد واقعة عابرة، بل ناقوس خطر يدق بقوة، ويستدعي من الجميع — مسؤولين، مؤسسات، ومجتمع مدني — وقفة جادة لتصحيح الوضع وإعادة الاعتبار لهذه الفئة التي تعاني في صمت، بعيداً عن الأنظار والاهتمام.