هل الانتخابات القادمة ستكون إمتحان نوايا الشباب المحتج…؟
الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- بقلم: د. عبد الله بوصوف

و أنا أراجع ردود أفعال بعض الأقلام المغربية بخصوص احتجاجات الشباب المغربي أو ما يعرف إعلاميا ب جيل زيد ” استحضر القول المنسوب لفيلسوف الأنوار “فولتير ” قد اختلف معك في الأمر..لكني مستعد أن أدفع حياتي ثمنا لحقك في التعبير عن رأيك..”
إذ لمست بعض التردد و الكثير من التودد لمجموعة منصة “الديسكورد ” و التي تتبابهى بعدد المنتسبين لها في المغرب حوالي 200 ألف و أكثر من 600 مليون على الصعيد العالمي…
وقد أتفهم خوف بعض النخبة أو الأقلام من حملات رقمية مضادة تستهدف حياتهم الخاصة بالتشهير أو إعدام تواجدهم الرقمي ب ” السينيال “…
لذلك فضل بعضهم الصمت و البعض الآخر ترك باب منزله مواربا في ” انتظار غودو ”
إذ خُيل للبعض أن تلك المنصة رفعت شعار ” أنت إما معي أو ضدي “… في حين أن مسيري تلك المنصة يرفعون شعارات الديمقراطية و الحريات و العدالة الاجتماعية…
لذلك فخوف و تردد تلك الأقلام لا يعكس حالة صحية..في ظل إجماع وطنى و دستوري على مشروعية تلك المطالب الاجتماعية المضمونة بالنصوص الدستورية و القانونية…بل هي برامج استراتيجية و رهانات مصيرية لا تخضع لاكراهات الزمن الحكومي أو البرلماني…
الشباب المغربي و منذ مدة طويلة يناقش بطريقته الرقمية داخل الفضاءات الرقمية و ينتقد بحدة الأوضاع الاجتماعية و الفوارق المجالية…و كان يصيب و يخيب…لكن بوجوه مكشوفة و بهوية وطنية حقيقية و ليست هويات افتراضية و حسابات مجهولة قد تفتح مجالات التأويل…لأنه بهذه الطريقة نصبح أمام ” حق أريد به باطل “…
اليوم الشارع المغربي يتكلم لغة واحدة مفادها ضرورة تغيير العجلة فيما يخص السياسات العمومية في مجالات الصحة و التعليم…و يُحسب للشباب المحتج يومي 29 و 30 من شتنبر الماضي بإحراج الحكومة و إخراجها الى الشاشات…و بفتح التلفزيون المغربي أمام الشباب للحوار ” المفقود” مع بعض المسؤولين الحكوميين و كذا مع بعض تيارات المعارضة…ولا أحد منهم أنكر تلك الأعطاب في الصحة و التعليم…
بالمقابل و في ظل أجواء المكاشفة و الديمقراطية… نرى ضرورة طرح بعض الأسئلة…كهل انتقاد رواد منصة ” الديسكورد ” هو خطيئة رقمية أو مغامرة قد تجلب لك متاعب التشهير و ” البلوك “..؟
و هل كل هذا العدد الهائل حوالي 200 ألف كلهم ملائكة…؟
وهل يجب طلب الإذن من “الأدمين ” لطرح بعض الأسئلة المنتقذة لطريقة إدارتهم للحوار و التصويت…؟ و من يتحكم في زر الصوت و” البلوك ” و نوعية المتدخلين…. ؟
نحن المنتمين للجيل الآخر ، قد نجهل اللغة الرقمية الحديثة..و قد تستعصي علينا أدوات ” طلعو / هبطو/ لبلان / لبلوك…..”…
لكننا لا نجهل أبدا عناوين مصالح وطننا العليا.. و لا نخطئ قراءة أجندات الجهات المعادية للمؤسسات الدستورية و الوحدة الترابية والوطنية…
وفي ذات الآن لا نبرر أعطاب السياسات العمومية في مجالات الصحة و التعليم و التشغيل..بل نطالب بتسريع تنزيل كل البرامج و بكل الشفافية مع ربط المحاسبة بالمسؤولية كما تنص عليه القوانين…
لكن يجب فتح المجال لإنتقاد “مسيري الديسكورد ” لا أن يُرفعوا لمراتب الملائكة و منزلة الصالحين و يُنعت الآخرين ب ” الزلايجية “وغيرها من قاموس المصطلحات المعروفة لدى الجهات المعادية…و تهديد المختلفين بحملات عشواء من التشهير في الفضاء الرقمي…
طيب وفي إطار ما لقيصر لقيصر …فانه يُحسب للمنصة فتحها لنقاش اجتماعي و ثقافي و اعلامي مهم و مشروع….لكن يسجل عليها أيضا أن كل المدعويين لتأثيت الفضاء الافتراضي لهم خلفيات سياسية و طموحات سياسية يعرفها جيدا الرأي العام المغربي كما يعي جيدا سقف مطالبهم…و جلهم يحمل صفة ” صحفي “…
إذ المفروض هو استدعاء جامعيين في العلوم الاجتماعية و القانونية و متخصصين بيداغوجيين و مهنيي الصحة و التعليم و إعلاميين أيضا…لأن الغرض هو الخروج بتصور جديد و مبادرات و مشاريع حلول…و ليس هو البقاء في نفس الموقع و التفكير فقط في أجندة الاحتجاجات و تواريخها…
المفروض أيضا هو التوفر على أفُق أو سقف كتجارب مقارنة في تركيا أو ماليزيا مثلا…إذ لا يمكن التضرع بأنه ليس من اختصاص المحتجين تقديم الحلول و البدائل….خاصة و أنه في آخر حوار مع أحد ضيوف ” الديسكورد ” أكد أحد ” الادمين ” بوجود باحثين في سلك الدكتوراة و أطباء و محامين في صفوفهم….
طيب إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا ينشرون مشروعا متكاملا لمعضلات الصحة و التعليم و ليس الاكتفاء بتسجيل نقط مطالب…؟
و اذا كان صحيحا أن من بينهم محامون و باحثين ( يعني لا ينتمون عمريا لجيل زيد ) فلماذا لا يخرجون بمشروع إطار قانوني منظم و يخرجون به من حالة الافتراضي الى الواقعي…خاصة و أننا أمام استحقاقات انتخابية مهمة…و يرفعون شعارات من قبيل Our time has come ” جَا وقْتْنا “..؟
لا أتمنى أن يكون الشباب الجميل الذي احتج يومي 29 و 30 من شتنبر الماضي من ” أصحاب الكنبة ” و رواد العزوف…
كما لا اتمنى ان يُصبح الاحتجاج مهنة من لا موقف لهم…لأن انتخابات التغيير على الأبواب و عند الامتحان يعز المحتج أو يهان…
الشاملة بريس صحيفة ورقية والكترونية مستقلة شاملة