أخبار عاجلة

العلاقات المغربية/الأمريكية…من السلطان محمد الثالث الى الملك محمد السادس…

العلاقات المغربية/الأمريكية…من السلطان محمد الثالث الى الملك محمد السادس…

الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- إعداد: عبد الله بوصوف

كثيرة هي البحوث و الدراسات التاريخية و الاكاديمية التي تناولت تاريخ العلاقات المغربية / الامريكية…و التي حصد فيها السبق المغربي باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية عن التاج البريطاني سنة 1777…حصة الأسد في كل تلك النقاشات الفكرية و الاكاديمية…

لكن ينتابنا إحساسنا بأنه من الممكن تجويد و تقوية قراءة تلك الأحداث التي غيرت مجرى التاريخ..و الممكن إبتكار قراءات جديدة حول رمزياتها و امتدادت تداعياتها في الزمن الى غاية اليوم…

و هو راجع الى الرغبة الجامحة بالدفع بعجلة التأمل و التفكير في قوة القرار و حمولاته و في قراءة شخصية صاحب القرار…في ذات زمن فاصل في تاريخ المملكة المغربية الشريفة و بميلاد نظام عالمي جديد آنداك…لأن ذات القرار مهد الطريق لعلاقات مغربية / امريكية تطورت عبر التاريخ…و لا يمكن فهم عمقها الا بالرجوع الى تفاصيل سياقات تمتد لقرنين من الزمن…

 

 

كل هذا يدعونا لتكثيف حلقات التفكير الجماعي و تخصيص مساحات جديدة لدراسة ماهيات جرأة الموقف والإعتراف المغربي…في ظل سياقات تقاطع و تقاطب كانت رهينة المصالح الاقتصادية و التجارية و السياسية للدول الكبرى…

 

و من هنا يمكننا وضع سؤال في غاية البساطة لكن بكثير من المنطق…مفاده أن اعتراف الإمبراطورية المغربية باستقلال دولة جديدة وراء المحيط الأطلسي غارقة في تداعيات حرب الاستقلال مع بريطانيا وصلت سنتها الثامنة و تتعرض سفنها لعمليات القرصنة في البحر المتوسط بعد رفع الحماية و الاعلام البريطانية عن سفن امريكا…مما عرّض التجارة للافلاس و التجار للاسر …

و في ذات الوقت ترددت دول قوية كالمملكة الفرنسية و إسبانيا و هولندا…في حسم الاعتراف رغم اتصالات المبعوثين الامريكيين بقصر فيرساي…

فهل كان السلطان سيدي محمد بن عبد الله مجرد مغامر مثلا أم كان ديبلوماسيا متبصرا يُقدر قدْر اللحظات و المواقف التاريخية…

 

لأننا بميزان ذات المنطق نصل إلى أن اعتراف السلطان سيدي محمد بن عبد الله باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1777..يجعل فرضية غضب بريطانيا العظمى بأسطولها القوي و ترسانتها العسكرية المتطورة قائمة…و معها باقي القوى القوية آنداك…

 

لكن برجوعنا للعديد من مراسلات القناصلة و المذكرات و الأوراق الخاصة كأوراق John Adams و Thomas Jefferson و أيضا للقنصل Thomas Barclay…سنجدها جميعها تصف السلطان /الإمبراطور سيدي محمد بن عبد الله بكل صفات الحنكة و التجربة الديبلوماسية و الباحث عن العدالة و المحب للحرية و ضد العبودية و الأسر…و من ضمنها إرساله السفير محمد بن عثمان المكناسي لفك أسر حوالي 613 أسير مسلم بجزيرة مالطا…و كذا تكليفه السفير و الوزير سيدي الحاج الطاهر بن عبد الحق فنيش باصطحاب 17 بحار فرنسيا كانوا في الأسر…أثناء رحلته الى باريس عبر ميناء مارسيليا…

 

فلا شك أن اعتراف السلطان/الإمبراطور المغربي باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية أدخله التاريخ كأول دولة في العالم … أضف كل ما حمل معه من الدلالات السياسية في وقت كان المبعوثيين الامريكيين بباريس متأبطين كتاب Emer Vattel حول القانون الدولي و يعملون بكل جهد من أجل انتزاع اعتراف ملك فرنسا…

و لم يقف السلطان سيدي محمد بن عبد الله عند حدود الإعتراف بل فتح موانئه خاصة ” موكادور ” أمام السفن التجارية الأمريكية مع ضمان الحماية من قراصنة المتوسط…

 

أكثر من هذا فإن الحرب الأمريكية / الليبية ( 1801 / 1805 ) قد عثّرتْ ذلك التقارب و التعاون..وتكبدت تلك العلاقة خسارة كبيرة…هذا في الوقت الذي عزز فيه السلطان المغربي من موقعه كفاعل قوي في الحرب و السلم بتوقيعه مع 11 دولة معاهدات و اتفاقيات تجارية و صداقة. ..و هو ما سيبرر وصول المبعوث الامريكي Thomas Barclay الى مراكش في يونيو من سنة 1786 من أجل توقيع معاهدة الصداقة و السلام بعد مرور قرابة عقد من الزمن على تاريخ الإعتراف المغربي باستقلال امريكا سنة 1777.. وقد تم التوقيع بعد مباحثات مع ممثل السلطان سيدي الطاهر بن عبد الحق فنيش حول نقاط مسودة الاتفاق..ثم رفعها الى السلطان محمد الثالث…وهي الاتفاقية السارية لحد الآن..و تعززت في عهد المولى سليمان بافتتاح مفوضية أمريكية بطنجة سنة 1821 كأول مقر ديبلوماسي خارج الحدود الأمريكية…

 

و الحديث عن عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله لا يكتمل دون الحديث عن بناءه لمدينة الصويرة أو موكادور و دور ميناءها في التجارة الدولية و ترسيخ العلاقات مع أمستردام و لندن و فينيسيا و مدريد و باريس….

 

فاحتفاظ السلطان بمراكش كعاصمة لملكه و بناءه لمدينة اطلسية جديدة يحمل رسائل انفتاح مغربي على الشمال و الشمال الاطلسي…وهو ما فسره أكثر من مؤرخ و باحث… أولا برغبة السلطان في ضمان مداخيل جديدة و قارة لبيت المال ، و ثانيا الدخول في تحالفات سياسية و عسكرية استراتيجية مع الدول القوية لصد كل الاطماع الخارجية..خاصة وأن الموقع الجيوستراتيجي للمغرب كبوابة للبحر المتوسط و للقارة الإفريقية…جعله في مرمى أطماع الدول الاستعمارية..

 

و بلغة العصر الحديث فإن السلطان محمد الثالث كان واعيا بأهمية البنية التحتية خاصة في مدن السواحل الاطلسية من أجل تقوية الاقتصاد و دعم القدرات العسكرية و الدفاعية..كما كان واعيا بأهمية الموارد البشرية و الكفاءات…لذلك فإنه عُرف باستقطابه لأسر يهودية مغربية معروفة في عالم المال و الاعمال و الترجمة من أغلب المناطق المغربية من أجل مباشرة الأعمال التجارية و الجمركية و المبادلات…و مكنهم من من امتيازات و منافع…و بهذا يكون السلطان سيدي محمد بن عبد الله..قد جعل من مدينة الصويرة قطبا ماليا و تجاريا…في مغرب القرن 18…

 

مذكرات أو اوراق جون أدامس ..تحدثت بكثير من الاحترام عن السلطان سيدي محمد بن عبد الله وعن حاجة الدولة الجديدة امريكا…لعقد شراكات و صداقة مع المغرب…من أجل حماية تجارتها و مصالحها في الفضاء المتوسطي و الأطلسي..

 

و هكذا سارت العلاقات المغربية / الامريكية و تقوت في كل اللحظات القوية في في عهد السلطان مولاي سليمان….. و عهد السلطان محمد الخامس إذ كانت الولايات المتحدة الأمريكية من أولى الدول التي اعترفت باستقلال المغرب…و الزيارة التاريخية للراحل الحكيم الحسن الثاني طيب الله ثــراه في اوج الحرب الباردة..وصولا لعهد الملك محمد السادس..و ما عرفته هذه العلاقة من ترسيخ و تحديث…عبر زيارات جلالته للولايات المتحدة الأمريكية و عقد اتفاقيات و شراكات استراتيجية…تنفتح على الفضاء الأطلسي /الأمريكي…

 

لذلك فاعتراف الادارة الأمريكية في دجنبر 2020 بسيادة المغرب على كامل صحراءه مثلا….يدخل في هذا المسار التاريخي الذي يمتد لقرنين من الزمن و الذي ينطلق باعتراف الإمبراطور سيدي محمد بن عبد الله أو محمد الثالث باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1777..

و لأن الإعتراف المغربي باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية…قد غير مجرى التاريخ فعلا…فإنه يدعونا للمزيد من الاهتمام و إعادة قراءة رسائل القناصلة الغربيين و المبعوثين الامريكيين…لأن التاريخ عادة ما يعيد نفسه مع تغيير في بعض التفاصيل…

شاهد أيضاً

السيد عبد الجبار الرشيدي كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي، يجتمع ببرلين مع عدة وزراء أفارقة للإعلان عن الشبكة الإفريقية للإعاقة

بلاغ صحفي السيد عبد الجبار الرشيدي كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي، يجتمع ببرلين مع عدة …

أوهام الوطن البديل !!

أوهام الوطن البديل !! الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- إعداد: عبده حقي أنا ابن هذا الوطن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *