الشاملة بريس- بقلم: الدكتورة فاطمة الزهراء أبريكي/ وزارة إعلام مملكة أطلانتس الجديدة (أرض الحكمة)
بمناسبة اليوم العالمي للمهاجر، الذي يوافق 18 دجنبر من كل سنة، وكما جرت لنا العادة بتأريخ كل الأحداث الوطنية والدولية اليوم في مملكة أطلانتس الجديدة وخاصة خلال سنتنا هذه نستحضر بمشاعر كلها إهتمام واستشعار لما تعانيه تلك الشريحة التي غالبا ما تكون فقيرة وتضطر لمغادرة اوطانها حتى تجد ملاذا ومستقبلا افضل لها ولأبنائها ، فترمي بنفسها الى احضان المجهول او دور صفيح او التجمعات السكنية الجماعية (إنها أحياء سكنية يقيم بها العمال المهاجرون..يتقاسمونها مع مهاجرين من جنسيات أخرى.. في ظروف اقل ما يقال عليها تحت الطبيعية ،ليجد المغترب نفسه انا تحديات الفقرالذي هرب منه داخل وطنه مغلفا بشحنات إضطهاد وتنمر وذل وإهانة للكرامة واستغلال لظروفه اذا كان مهاجرا شرعيا يكفي كونه مهاجرا حتى يستغل ابشع استغلال، اما ان كان غير شرعي فالطامة اكبر وابشع من وضع المجاهر الشرعي بملايين المرات، هذا هو الواقع المر رغم كل نداءات المجتمع الدولي بحماية المهاجرين ومعاملتهم جيدا حتى عودتهم الى اوطانهم لان كرامة الإنسان اسمى مبادئ حقوق الإنسان التي لطالما نادت بها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
هذه الأحياء السكنية Les Foyers des Travailleurs Migrants ليست كباقي المساكن الأخرى، فهي تؤلف تجمعا سكنيا متعدد الجنسيات من خمس أو ست طبقات..توجد في كل طبق غرف منفردة صغيرة جدا ( لا تتعدى مساحتها 4.50 م2)، ومراحيض صغيرة، وأحواض إستحمام مشتركة، بالاضافة إلى قاعة متوسطة الحجم للطبخ، يوجد بها مخزن صغير، لكل قاطن بالحي، لترتيب وتخزين أغراض واحتياجات المطبخ من أواني وأطعمة وغير ذلك..
وتعتبر هذه الأحياء العمالية جزء من تاريخ وذاكرة العمال المهاجرين في فرنسا كمثال منذ عام 1945، وباقي دول العالم.
حيث ان المهاجر بدأ هذه المعاناة بعد الحرب العالمية الثانية لتعويض النقص في القوى العاملة الذي واجهته الدولة الفرنسية أثناء “الثلاثين المجيدة” ( 1946-1975) Les Trente Glorieuses
خلال هذه المرحلة، شجعت فرنسا الهجرة الأجنبية والهجرات الكولونيالية التي كانت تخضع لمؤثرات سياسية واقتصادية داخلية وخارجية، ومن بينها الهجرة من كل الجنسيات والتي كانت مكثفة في المرحلة الأولى، ابتداء من عام 1960، حين كانت فرنسا، هي الأخرى، تمر بعدد معين من الأحداث السياسية التي حصلت منذ عام 1958 (فشل انقلاب 13 ماي العسكري وعودة الجنيرال ديغول للسلطة، والنزاع الجزائري الذي كان قد أوشك على نهايته في بداية ستينيات القرن الماضي).
ومع نمو الهجرة بسبب الحاجة الكبيرة إلى الأيدي العاملة، واجهت فرنسا أزمة سكن حادة، امتدت بشكل خاص إلى الفئات الأكثرفقرا مثل العمال المهاجرين الذين غالبًا ما كانوا يعيشون في ظروف بئيسة في الأحياء الفقيرة والبراريك والأقبية وردهات الفنادق ومدن الصفيح التي رأت النور على أطراف المدن الكبرى كباريس وغيرها (مثال ضاحية نانتير). وهذا كان في اغلب دول أوروبا وامريكا من تلك الفترة مع تحسن الوضع شيئا ما خلال ايامنا هذه .
في سنة 1956، قررت الدولة الفرنسية تولي مسؤولية قضية إسكان العمال المهاجرين عبر خلق الشركة الوطنية لبناء المساكن للعمال SONACOTRA وتسمى اليوم “أدوما” ADOMA، ومع توافد العمال الأفارقة في هجرات متتالية، أنشأت أحياء سكنية جديدة مثل”أفطام” AFTAM أو “سونديطا” SOUNDIATA خاصة بهؤلاء، كما ظهرت أحياء جديدة أخرى في مدينة ليون وفي مدن أخرى، يديرها بصرامة الضباط المتقاعدين أو مدراء من الشرطة الذين كانت لديهم وظيفة عسكرية ( السرير يجب أن يكون في غاية الترتيب و قواعد صارمة حسب القانون الداخلي).
هذه الفضاءات، ظلت لعقود من الزمن مغلقة، تعكس الفوارق الاجتماعية القائمة بين العمّال المهاجرين و أبناء البلد، وتوحي بعدم الاستقرار والخطر وانعدام الأمن وتعكس عقلية التمييز والاهمال، إلى أن اندلعت اضرابات الغضب منذ 1970، للمطالبة بأحياء سكنية أكثر أماناً وانفتاحا على المحيط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. وهو ما فرض على الدولة، ابتداء من 1995 الشروع في احداث اصلاحات بهذه الأحياء وتحويلها إلى إقامات اجتماعية وبناء أحياء سكنية جديدة Des Résidences sociales امتثالا لقوانين حقوق الإنسان .
ونحن اليوم نحتفل باليوم العالمي للمهاجرين باسم مملكتنا العتيدة اطلانتس ارض الحكمة و قد اغتنمنا هذه المناسبة لتسليط الضوء على ظاهرة الهجرة واحوال المهاجرين السيئة الى حد ما في دول الهجرة، لنعلن للعالم مدى فخرنا بمملكتنا مملكة السلام والإنسانية والتي لا فرق فيها بين مواطن واخر مهما كان وطنه الأم، اطلانتس أرض الحكمة ارض السلام والتعايش والكرامة ، واحترام حقوق الإنسان واجب وليس رفاهية، وإننا ندعم كل مهاجر يبحث عن الإستقرار والمساوات والعدالة الإجتماعية بحياة ارقى وانقى وافضل في مملكة أطلانتس ارض السلام ، وكل الذين أجبروا على السكن في هذه الأحياء مؤقتا، لتصير غرفهم إقامة دائمة إلى حدود اليوم ومنهم من حقق هدف هجرته ومنهم من مازال يعاني و ينتظر ويقاوم الغربة، والهشاشة، وسوء التغذية، والحرمان العاطفي، و الوضع الصحي والمادي والاجتماعي والنفسي الصعب وفقدان الاستقلالية، بعد أن خاب أملهم في استئجار شقة لاستقدام عائلتهم وأبنائهم الذين بقوا في البلاد ربما ، أو العودة لمسقط لأوطانهم .
إنها الصورة الحقيقية من المعاناة، أبطالها ليسوا سوى أناس مثلنا أرغموا على الاغتراب و الغياب المزدوج، بحثا عن مستقبل أفضل، في الوقت الذي كان الجميع يعتقد أن هؤلاء سيعودون في نهاية المطاف إلى بلدهم الأم محملين بالنقود والهدايا، لذا حرموا من الإدماج، وظلوا على هامش بلد الهجرة والبلد الأصلي.
هؤلاء لم يستطيعوا أن يصبحوا مواطنين درجة أولى ولا اكتسبوا الحقوق بمواطنة درجة ثانية ببلد الإغتراب .(لاعتبارات تاريخية واجتماعية وثقافية) وربما فقدو حتى شعورهم بانتمائهم لأوطانهم الأصلية . وذالك بسبب غيابهم الطويل عن مسقط رأسهم وعائلاتهم، مثلهم مثل العديد من المهاجرين من أصول مختلفة.
إنهم المغتربون في المجهول ليس لهم اي ذنب ولا تهمة باﺭﺘﻜﺎﺏ جريمة، ﻭﻟـﻡ يحاكموا يوما ما..
ذنبهم الوحيد أنهم حصلوا على بطاقة الاقامة، ولم تكن لديهم النية ولا المقومات للبقاء في فرنسا او غيرها فنسجوا علاقة من التبعية الاقتصادية والمصالح بين البلدان لا غير.
فعندما يكون لديهم إمكانيات تسمح بإرسال النقود لأفراد العائلة، فهم لا يبخلوا بِما أتاهم عرق جبينهم.
فرغم حياتهم الصعبة، فهم لا زالوا يعتقدون أنهم مفيدون لعائلاتهم ولوطنهم. فهم اختروا البقاء قسرا ربما لعدم التمتع بتقاعد مريح يسمح لهم بالعيش في بلدهم قرب العائلة او بسبب مسؤولية إعالة الأسرة، أو الاستفادة من النظام الصحي أوألفة الأصدقاء……
إنهم ارواح مع الوقت باتت اقرب للأشباح أعمارهم تجاوزت 60 عاما..يعشون اليوم تحت هاجس خوف الموت بعيدا عن الأهل والوطن بينما هم أحياء يرزقون..
تحية خالصة منا باسم مملكة أطلانتس الجديدة لكل مهاجر في عالم الهجرة بكل حدب وصوب بمناسبة اليوم العالمي للمهاجر..