صيرورة ملك شامخ: الأسطورة التي لا تنتهي من فجر الاستقلال إلى مجد العصر الحديث..محمد السادس ليس مجرد ملك، بل هو رجل جاء في لحظة مفصلية من التاريخ، ليكون صانع التحولات الكبرى.
الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- بقلم: ذ. زكية العروسي 
على مرّ العصور، يولد الملوك ليكتبوا التاريخ، لكن قلة منهم من يصنعونه بيديه، يحيكون مجد الأمم كما يحيك القدر خيوط الأسطورة. في أرض المغرب، حيث تلتقي روح الأجداد العظام بنبض المستقبل، تعاقبت على العرش شخصيات صنعت الفارق، وحفرت أسماءها في صخر الزمن. من محمد الخامس، رجل التوافق والتحرير، إلى الحسن الثاني، باني الدولة وصانع الهوية، وصولا إلى محمد السادس، ملك الحكمة والدهاء، قائد التحولات الكبرى، وصانع مجد مغرب اليوم.
في زمن كانت فيه العروش تهتز والدول تقتلع من جذورها، وقف محمد الخامس شامخا، كطود لا ينحني أمام رياح الاستعمار العاتية. لم يكن مجرد ملك، بل كان قلب أمة تنبض بالإباء، وروح مقاومة لا تعرف الخضوع. قاد ملحمة التحرير، متحديا المستعمر، حتى كتب النصر بدموع العودة من المنفى، فكان رمزه الأول، وصانع الفجر الذي أطل على المغرب مستقلا حرا.
إذا كان محمد الخامس قد حرّر الأرض، فإن الحسن الثاني حرّر الروح، صاغ ملامح الهوية المغربية، ووضع أسس الدولة الحديثة بقلم صارم ورؤية لا تخطئ الهدف. كان رجلا يدرك أن الحكم ليس مجرّد سلطان، بل مسؤولية، فقاد أمته عبر أعقد التحولات، وأرسى دعائم المغرب السياسي والاقتصادي. ولأنه كان يعرف أن العظمة لا تكتمل بلا ملاحم، صنع المسيرة الخضراء، حيث سارت جموع المغاربة بقلوب ملؤها الإيمان، حاملين المصاحف والأعلام، في مشهد لم يعرف له التاريخ مثيلا.
ثم جاء محمد السادس، الملك الذي لم يكن مجرد وريث للعرش، بل رجل تحدى الأقدار وأعاد رسم وجه المملكة بحكمة ودراية. منذ أن اعتلى العرش، لم يكن زمنه زمن الانتظار، بل زمن الفعل والإنجاز. بنظرة ثاقبة ورؤية تتجاوز الحاضر، أطلق ثورة تنموية غير مسبوقة، وحوّل المغرب إلى قوة صاعدة، مزج بين الأصالة والتقدم، وجعل من بلاده نقطة التقاء الشرق والغرب، بين إفريقيا وأوروبا، حيث تتشابك الخيوط الدبلوماسية بمهارة ساحر يدرك كيف تحرّك البيادق في رقعة الشطرنج الدولية.
محمد السادس ليس مجرد ملك، بل هو رجل جاء في لحظة مفصلية من التاريخ، ليكون صانع التحولات الكبرى. يداه تمتدان إلى كل بقعة من بلاده، يلمس جراح الفقراء، يخطط المدن، يشرف على المشاريع العملاقة، ويفتح الأبواب نحو المستقبل. لكنه، في الوقت ذاته، ملك ذو هيبة، تقرأ في صمته رسائل، وفي ابتسامته أسرار، وحين يتحدث، تتسابق العواصم إلى الإنصات.
ليس الملوك العظام مجرد حكّام، بل هم رواة قصة تمتد عبر الأجيال، وصانعي ملحمة تتجدد في كل عهد. من محمد الخامس إلى محمد السادس، لم تكن المملكة المغربية مجرد دولة، بل كانت مشروعا خالدا، تتناقل رايته سلالات من الرجال العظام. وها هو المغرب اليوم، في ظل محمد السادس، يواصل مسيرته نحو المستقبل، لا يتوقف، لا ينحني، بل يمضي شامخا كجبل الأطلس، لا تهزه الرياح، بل يزيده الزمن قوة ومجدا.
هذه ليست مجرد سيرة ملك… بل أسطورة، وملحمة الشموخ تكتب بحروف المجد، في كتاب لا يعرف النهاية.