ملاحظات بشأن مسطرة الحجز التنفيدي العقاري
الشاملة بريس: إعداد/ عمر الهواوي :دكتور في القانون الخاص
يكتسي موضوع الحجز التنفيذي العقاري أهمية بالغة من عدة اوجه قانونية وعملية وسياسياواقتصاديا تجعله جدير بالملاحظة والبحث :
فمن الناحية القانونية :
تظهر الأهمية في الإشكالات العملية التي يثيرها التنفيد على العقار، لأن البنية العقارية بالمغرب متنوعة، وهذا التنوع يقابله تعدد في الأنظمة القانونية المطبقة على كل واحد منها،والتوفيق بين الأمرين مسألة ليست بالأمر السهل .
ومن الناحية العملية :
تكمن الأهمية في كون الحجز التنفيدي على العقار هنا يحي الائتمان، حيث يشجع المؤسسات المقرضة على التعامل مع زبناءها بكل ثقة، لكونها تعلم أن مصير المدينين لها معرضين للحجز التنفيدي العقاري في حالة التعنت عن الوفاء، الشيء الذي يمكنها من استرجاع ديونها،
أما من الناحية السياسية والاقتصادية :
فسياسيا عدم التنفيذ أو التماطل فيه يمس هيبة الدولة في الصميم،مما قد يجعل طالب التنفيذ يفكر في طرق فردية للانتقام، مما يشيع روح الفوضى وثقافة عدم الانضباط داخل المجتمع.
واقتصاديا
تكمن الأهمية هنا في ان عدم تنفيذ الأحكام عموما يؤدي إلى تعطيل النشاط الاقتصادي، هذا إذا علمنا أن الفرد لايتعامل وحده،بل إنه يدخل في معاملات تشكل حلقة مرتبطة ، فهو مدين لمورديه،وبالمقابل فهو دائن لزبناءه.
ومسطرة الحجز التنفيدي العقاري،تعتبر المسطرة الأكثر تعقيدا مقارنة بباقي طرق التنفيد الأخرى، ولذلك اعتبره المشرع وسيلة احتياطية في التنفيذ، إذ لايلجا إليه إلا عند عدم كفاية بيع المنقولات.او المبالغ المحجوزة لدى الغير لسداد مبلغ الدين أو مجموع الديون عند تعدد الدائنين. وعليه ،فإنه يحظر على الدائن مباشرة التنفيذ على عقار مدينه عند وجود منقولات كافية لسداد الدين،و الاستثناء الوحيد الذي تعرفه هذه القاعدة هو المتعلق بالحالة التي يكون فيها الدائن مستفيدا من ضمان عيني.
وفي حقيقة الأمر فإن هاته المسطرة وتعقيداتها تثير مجموعة من الملاحظات:
1-المشرع أعطى للعقار هاته الهالة نظرا لما يختزله من قيمة اقتصادية وتاريخية،باعتباره أثمن الموارد التي يملكها الإنسان ،بل وأحيانا مورده الوحيد،لذلك نص المشرع على سلسلة من الاجراءات التي تتميز بترتيبها وبطول ،مواعيدها،
والتي يتعين احترامها والتقيد بها عند الحجز على العقار وبيعه بالمزاد العلني تحت طائلة البطلان
2-المراجع القانونية المعمول بها في مجال الحجز التنفيذي متعددة والنصوص التشريعية الخاصة متفرقة في أكثر من تشريع،الشيء الذي أفرز مجموعة من الصعوبات العملية الناتجة عن عدم إلمام أعوان التنفيذ بكافة الضمانات القانونية المؤطرة لعملية التنفيذ على العقار.
3_المشرع المغربي في قانون المسطرة المدنية لم ينص على العقارات غير القابلة للحجز،مما فسح المجال للخلاف بين مختلف المحاكم فيما يتعلق بإمكانية الحجز على أموال الدولة ومختلف الأشخاص المعنوية العامة الأخرى ،ونتمنى أن يتدارك المشرع المغربي هذا في اي تعديل مقبل ويتدخل بنص عام يحدد العقارات غير القابلة لاحجز بشكل صريح ليرفع الخلاف الواقع بين الثقه والقضاء.
3-غياب مؤسسة قاضي التنفيد وحلوله محل رئيس المحكمة بصفته الاستعجالية في النظر في الصعوبات التي تعترض التنفيذ وإشرافه بشكل مباشر على مسطرة الحجز بدلا من أعوان الذين ينبغي أن ينحصر دورهم في تنفيد الأوامر الصادرة عن قاضي التنفيذ،وهو ماعليه الأمر في التشريع المصري.
4-غياب التنصيص على تحديد المدد والاجل في بعض الاحيان:
–كتحديد المدة الفاصلة بين تاريخ الإشهار وتاريخ السمسرة
–أجل تسجيل محضر الحجز ووضع دفتر التحولات
– أجل مواصلة التنفيذ من قبل الدائن الحاجز الذي قد يتراخى عن التنفيذ وبالتالي الأضرار بالمدينة.
5- لم ينص المشرع المغربي على جزاء البطلان عند تخلف الإجراءات التمهيدية للتنفيذ،وهو ماتنبه إليه المشرع المصري في المادة 281من قانون المرافعات حيث أقر جزاء البطلان
6- لم يلزم المشرع عون التنفيد بإخطار الاطراف المعنية بالحجز انه تم إيداع دفتر التحولات ولم يمنحهم حق إبداء ملاحظات على ماتضمنه هذا الدفتر.
7-ليست هناك إشارة لطريقة تقديم العروض، هل تتم بشكل شفوي ام كتابي ،ومن باب حسن النية يجب تقديمها كتابة إلى جانب شيك معتمد أو كفالة.
8-اسناد مهمة السمسرة لاعوان التنفيذ بدلا من قاضي التنفيذ رغم خطورة الأمر،حيث أن البيوعات العقارية قد تعرف تلاعبات لذلك نجد أن المشرع المصري أكد أن البيع يجب أن يكون في جلسة علنية وبحكم صادر عن قاضي التنفيذ.
9-تحديد وضعية الكفيل العيني في مسطرة الحجز العقاري بدلا من خضوعها للقواعد العامة المنظمة في قانون الالتزامات والعقود.
10-تنظيم مسطرة البيع الحبي للعقار من طرف المحجوز عليه تحت اشراف قاضي التنفيذ
خلاصة الأمر إن المشرع المغربي مطالب بشكل قوي بضرورة التدخل من أجل وضع قانون للتنفيذ من خلاله ينظم الحجز العقاري عامة والحجز التنفيدي على العقار بصفة خاصة كما ان الحاجة أصبحت ماسة إلى التفكير في أحداث مؤسسة قاضي التنفيد خدمة لمصلحة جميع الأطراف المعنية .