مملكة اطلانتس الجديدة ارض الحكمة
(المحاضرة 4 ) في ,فلسفة البناء,
الشاملة بريس- إعداد: رماز الأعرج
منشأ العلاقات البشرية وأصولها
أ : الجذر الطبيعي لوجود الأخر في الطبيعة
منشأ العلاقات البشرية وأصولها
لا يختلف الإنسان في شيء عن الحيوان سوى بخصوصيته الفريدة كنوع ذكي ومتطور من الحيوانات, والوعي والتعبير والضحك من أبرز ميزات الإنسان العاقل الاجتماعي, وجميع الكائنات الحية تربطها علاقات ما فيما بينها حتى النباتات لها علاقات متبادلة بين النوع ذاته وبقية الأنواع الأخرى, ولا يوجد كائن أو نوع ما خارج هذا القانون الطبيعي, والحيوانات جميعها تتبادل التفاعل فيما بينها, وهذا التفاعل يشكل علاقات ضرورية متبادلة طبيعية وغريزية يحتاجها الفرد في تفاعله مع نوعه والأنواع الأخرى, إنها الطبيعة وقوانينها وطبيعة الحياة وسياقها.
و بغض النظر عن كون الحيوان من نوع اجتماعي أو فردي في طبيعة حياته, لا بد له في النهاية من الاحتكاك بنوعه والتفاعل مع هذا النوع داخلياً , من أجل تحقيق التكاثر و الحفاظ على النوع واستمراره في الوجود, أي أن العلاقة في النهاية لا بد منها بغض النظر عن النوع و طبيعته, سواء كان حيوان فردي أو اجتماعي, أو نبات أو حيوان, ولكل نوع خصوصية في هذه العلاقة يختلف مستواها ومدى تعقيدها بين نوع وأخر, ولدى الإنسان تصل ذروتها في التعقيد والتطور حيث أن الإنسان كما أسلفنا هو كائن ذكي وواعي وضاحك وهذه من أهم ميزاته.
ليس الوعي وحده ما يحدد نوعية العلاقة وطبيعتها, فهناك خصائص الحياة ونوعيتها ومن ضمنها مدتها الزمنية, أي العمر الافتراضي للكائن الحي, والإنسان من الحيوانات المعمرة ومن النوع الذي تحتاج إلى فترة رعاية طويلة تزيد على العشرين عام حتى الاعتماد على النفس, وهذا معناه أنه بحاجة إلى علاقة ضرورية لفترة طويلة بالآخرين وهذه ليس أي علاقة, بل هي علاقة وجودية ضرورية للاستمرار في البقاء وبذلك تصبح علاقة الإنسان في الجماعة علاقة وجودية لا بد منها وإلا فقد حياته في الغالب.
إذاُ العلاقات بين أفراد الجماعة البشرية ضرورية وطويلة الأمد, ولا غنى عنها للأفراد حتى سن البلوغ, وسواء كانت هذه العلاقة قصيرة الأمد أو طويلة لا بد من ناظم وضابط لهذه العلاقة, وفي العادة و الغالب ما يحدد طبيعة هذه العلاقة ونوعيتها هو الحاجات الضرورية للكائن وسنه وجنسه الخ,, وبذلك نرى أن هذه العلاقة هي في الأصل طبيعية محضة رغم أنها اجتماعية ولكنها في السياق الطبيعي الاجتماعي, ولم يحتوي المجتمع القديم على علاقات سياسية , فالمفاهيم السياسية ظهرت لاحقاً بعد ظهور نظام الملكية الخاصة وظهور الدولة والنظام السياسية.
لم يحتوي المجتمع القديم سوى على نوع واحد من العلاقات البشرية وهي العلاقات الاجتماعية الإنسانية الصرفة والطبيعية, ولذلك كانت خالية من الاستغلال والتملك, مثل علاقة الأبناء بالأمهات والآباء بالأبناء والعلاقات الجنسية وعلاقات الإخوة والصداقة, وغيرها من العلاقات الإنسانية, ولكن لم يكن هناك أي مفهوم للملكية الخاصة الجميع يأخذ حاجته من الطبيعة ويبقى الفائض في مكانه, ولا ملكية لأحد على الطبيعة وكلاً يملك ما يجنيه من حاجاته الضرورية وحسب, وبذلك كان الناس متساوين في الملكية الشخصية والضرورية الطبيعية من حاجات ضرورية للحياة, شخصية كافية للفرد وقضاء حاجاته.
وبذلك نرى بوضوح الامتداد الطبيعي للعلاقة بين الفرد والجماعة, أي أنا والآخر, فالأخر هنا يشكل الجماعة بشكل عام , ولا يمكن التعامل مع الأفراد بمعزل عن ثقافتهم ووعيهم الاجتماعي, فلم يعد الإنسان ذات ثقافة فردية سلوكية خاصة, والحيوان كذلك , فكل نوع له خصوصيته وثقافته, وكذلك الحيوانات كأنواع لو نظرنا إليها بعمق أكثر, سنفاجأ أن لكل نوع ثقافة ما ولكل منطقة ومناخ يعيش به هذا النوع ذاته, فالأرانب التي تعيش في مناطق الجليد في سيبيريا مثلاً, لها سلوك وثقافة مختلفة عن الأرانب الصحراوية, على الرغم من سلوكها العام كنوع,
والأخر له امتداده وجذوره في الطبيعة بالأصل, وبذلك فهي حاجة مشتركة بين الإنسان والحيوان, هذا بالضرورة أصيل لدى كافة الأنواع المعروفة لدينا حتى الآن, والعلاقة جدلية بين الفرد و الجماعة في كافة الأحوال , وتختلف باختلاف النوع, ولهذا بينا في مؤلف سابق جدلية العلاقة وعضويتها بين الفرد والجماعة, (التاريخ لعبة الحضارات) حيث بينا وعالجنا هذا الموضوع بتفاصيل في ذلك المؤلف و بالإمكان الرجوع له والإطلاع على تفاصيل لمن يرغب في ذلك.
ونذكر في هذا السياق أن أصل جميع العلاقات الإنسانية الاجتماعية ذو جذر طبيعي صافي وحر بالأساس وبقي كذلك حتى ظهور نظام الملكية, وانطلقت المعضلة منذ ذلك الحين حيث تحول الإنسان إلى عبد وسيطر مفهوم الملكية الخاصة على كل شيء في المجتمع وتحول الفرد منذ ذلك الحين إلى عبد مستغَل ليس من قبل الجماعة بحد ذاتها بل مكن قبل نظام اجتماعي مسيطر على الجماعة ذاتها ومن خلالها يخضع الأفراد للتصنيع ليصبحوا أدوات صالحة له ولحاجاته, أي عبيد وسلع تَستهلك وتنفق .
ارض الحكمة