داني زهير فنان عصامي يسائلنا عبر سيرة ذاتية موسومة ب “آش داني لحريك”
الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- إعداد: زايد الرفاعي / باحث في الخطاب الإعلامي
احتفت جمعية داني ألوان للفن والإبداع، نهاية الأسبوع الساري، بمدينة مكناس بتنظيم أمسيةً فنية / أدبية حافلة، على شرف الفنان المتبصر زهير داني بمناسبة إصداره سيرة ذاتية موسومة ب “آش داني الحريك” حيث حضر حفلَ التوقيع المرصع بمعرض تشكيلي زاخر للفنان ذاته. ثلة ٌمن النقاد والفنانين وشعراء وزجالين، إضافة إلى شخصيات وازنة فاعلة بالمدينة.
هذا وقد أجْمع الحضورُ على تألق موهبته التشكيلية المحترفة التي توجها بسرديات على شكل بوح أدبي بنمط روائي تجريبي “سيرة ذاتية” إذ تم التنويهُ بأسلوبه العفوي السلس… فرغم تجربته الأولى في فن السرد الروائي، إلا أنه كان سردا رصينا يصور تجربة من الذكريات والمغامرات والمعاناة.
كما اسْتشرف البعضُ سطوعَه مستقبلا كموهبة روائية واعدة تضاهي موهبته في الرسم والتشكيل، فيكون هو نفسُه ذا منزلةٍ في سلم الإبداع الفني أدبا وتشكيلا معا. وتشكيليا جدير بالذكر; أن عدد لوحات زهير داني كثيرة مثلا لوحات زيت على قماش تقريبا هنا بالمغرب أكثر من مئة لوحة وبفرنسا تقريبا خمس مئة لوحة.
في حين لوحات غير زيتية مثلا على الورق مرسومة بالقهوة ولوحات مرسومة بالحبر صيني ولوحات مرسومة بمواد أخرى تقريبا ثمان مئة لوحة. إضافة إلى الرسم بالمسامير وأشياء أخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن الفنان الواعد ليست المرة الأولى التي يخطف فيها الأنظار ويتمكَّن من خلق الحدث عبر نيل استحسانِ الحاضرين، وتفاعلِ المثقفين، بل سبقتها سلفا عدةُ مشاركات بمنتديات وأماسٍ ومعارض فنية وطنية ودولية عديدة، من أبرزها على سبيل الذكر لا الحصر : • مساهمة استعراضية بمبادرة الشباب المغربي.
• مشاركة في الملتقى الافتراضي “المرأة الإمراتية” • تكريم من وزارة الشباب بمكناس. • مشاركة في افتتاحيات ومهرجانات وفي تظاهرات إنسانية وتطوعية.
إضافة إلى مشاركات أخرى عبر ربوع المملكة، ساهمت جميعُها في صقل موهبةِ الشاعر، وتمكينِه من التقاطِ وتعلم المزيد من أدبيات الفن التشكيلي الذي كان يرصعه في الخفاء بسرديات واعية رأت النور على شكل سيرة ذاتية, يمكن تلخيصها فيما جادت به قريحة الشاعرة لطيفة الغراس الذي مفاده: يحيلنا هذا النوع من البوح الذاتي الذي اختزل في عنوان على شكل استفهام من لا ينتظر جوابا, ولكن يشعرنا بالندم (آش داني) تعبير مغربي نردده كلما غزا الندم أنفسنا, فالرسام الكبير داني زهير في هذا البوح نقل إلينا صورة عن الواقع بخيره وشره.
وللتعرف أكثر على الجانب الإبداعي للفنان اليافع سنا الكبير موهبة. قمنا (زايد الرفاعي) باستقصاء آراء أدباء، ونقاد وأكاديميين، عنه كموهبة متمكنة تستحق العالمية، هذه أهمها :
القاص الأريب محمد ادارغة، قال : لا اختلاف طبعا بأن داني يتموقع عالميا يتصدر المشهد التشكيلي بامتياز بفضل قوة الذكاء التي جبل عليها قبل أن يوسع من رصيد ثقافته التشكيليه. يحرص دوما على التجديد والتطوير والتجريب. على مستوى الكتابة يبذل وسعه لخوض المغامرة .هذه تجربة اولى أنصحه دوما بالبراءة حتى يثري معجمه ويهذب أساليبه واذا فعل سيصبح افضل لا ريب. أيضا الفاعل الجمعوي محمد برحيلة لم يتوانى في تقديم شهادة في حق الفنان المبدع بوصفه الكاتب الموهوب أو المتعدد المواهب. قائلا: عرفت داني عن كثب وتوجت علاقتي به خلال حفل تكريم الراحل الأستاذ أحمد كمان الذي يعود له الفضل في تكريمه، يومها كبر زهير في عيني كثيرا لأنني لمست فيه الإنسان الذي يؤثر على نفسه ولو كانت به خصاصة ويحب الخير للكل ويحترم الجميع. جاعلا التواضع المرفوق بالابتسامة العريضة شعارا دائما له. رجل خجول، خدوم، متفائل ،له عزيمة قوية وإرادة صلبة، وهته الخصال الحميدة جعلته محببا محبوبا. ولعل إنسانيته وآدميته وشعوره بمأساة ومعاناة الآخر دفعته لكتابة روايته “آش داني للحريك”.
أيضا; لعلاقته الإنسانية بأدباء وكتاب من بلدان عربية شقيقة، بدوره الكاتب والشاعر العراقي سلمان الفارس كان بليغا في قوله :
” إن هذا المولود الأدبي الجديد للكاتب داني لعله سيكون عملا ملهما خاصة للشباب التواق للهجرة, الرسام داني زهير قلّما تجد فنانا مثله، فهو متميز برؤيته، وروعةِ تصويراته وحسن ِانتقائه التي نلمحها في الألوان الموحيةِ المتجددةِ بتجدد موضوعاتِه، حيث لا يختلف اثنان على أن ريشة الرسام المتمكن تجسد حقيقة الواقع بلوحات فنية مكثفة تغنيك عن الاستطالة في الكتابة والإسهاب في الشرح، لوحات بديعة بتراكيبها الفنية الناطقة التي جسدت إلى حد بعيد في تكثيف الأفكار واختزالها بمقدرة لا تتأتى إلا للرسامين المتمكنين”.
من جهتها الأديبة والقاصة سلوى إدريسي والي أفادت في تصريحها بالآتي: في البداية تساءلت هل “آش داني لحريك” مجرد تعبير مجازي عن عبور لوحات الكاتب زهير داني للبحر الأبيض المتوسط نحو اروبا واكتسابه صيتا عالميا في الفن التشكيلي، أم أن العنوان كان صريحا وواضحا لا يقبل أي تأويل ؟
إلى أن أرضى فضولي يوم في حفل التوقيع، خصوصا حين اكتشفت أنه ينتمي لأدب السيرة الذاتية ،وهو نوع أدبي أظنه خاص بالشجعان وذوي التصالح العميق مع الذات.
“أش دا داني للحريگ” سؤال بسيط لكنه سفر شاق مع داني الإنسان، وهواجسه النفسية وكذلك إكراهات الواقع الذي يعيشه الشاب المغربي.
إنسانيا, “داني” لا يحتاج سنين من التعارف أو الصداقة لتعرفه بعمق ،إنه كتاب مفتوح للجميع ،متواضع، خلوق، عفوي، والأهم إنه فنان بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
أما هاهنا فسأشكل استثناء وأخلع معطف الصحافي وأرتدي معطف الأديب والسيميائي معبرا عن رأيي في حق زهير داني الفنان والإنسان. زهير “شاب يافع متحمس موهوب، أحببتُ وعيه وجذوتَه، ومن اطلاعي على بعض لوحاته الفنية عرفت أن الرسم والتشكيل عنده تولد من رحم المعاناة ومن عشقه للوطن وللمدينة وللثراث المغربي الأصيل، زهير موهبة حية متدفقة بالعطاء ووعي فكري عميق بقضايا المجتمع والإنسان والشعوب التواقة للحرية والتحرر, فيكفي قراءة سيميائية لعتبات السيرة الذاتية لنفهم أن الكاتب مهتم بهموم الشباب حيث ناب عنهم بسؤاله “آش داني للحريك” الذي لا ينتظر له جوبا بل هو مساءلة إنسانية تتحمل عبئها جميع المؤسسات انطلاقا من الأسرة, مرورا بالمدرسة, وانتهاء بالهيئات الرسمية والمدنية…
داني زهير شاب متوقد حماسا، قد عبر منذ بواكير تجربته عن موهبة وولع بالفن، مجتهدا في صقل موهبته التي مزجها بتجربة السرد الأدبي محاولا أن يبلغ في هذا النمط الفني شأوا، وأنا أتنبأ له بمستقبل زاهر.
ختاما; أفصح زهير داني أنه ليس له مدرسة أو اتجاه فني معين إنما يرسم بمنطق جميع التيارات والمدارس, مؤكدا أنه مطلع جيد على هذه المدارس وروادها واتجاهاتها الكلاسيكية والحديثة. ويضيف “أنا المدرسة” و هذا ليس بغرور بل حقيقة نتيجتها الإيمان بالذات والعمل الدؤوب الجاد والمتواصل فيكفي أني أعلم (الغرور مقبرة الفنان) وأنا فنان حالم/طموح أسير بخطى ثابتة. رغم ذلك أعتبر نفسي طفلا يتعلم. أما الهدف من كتابة “آش_داني_للحريك” فبداية كان بغاية رؤية اللوحات العالمية عن قرب فقط. حتى وجدتني بمشيئة الأقدار دخلت في صراعات وتجربة قاسية وخطيرة. نجمت عنها بكورتي الأولي أدبيا. صفوة القول; إنها سيرة رسام عصامي صنع نفسه بنفسه.