ولماذا لا نكتب عن الحب؟ _لنقرأها سيميائيا_!
الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- إعداد: زايد الرفاعي- باحث في الخطاب الإعلامي
جهرا وسرا يقال: لماذا تكتب عن الحب، لماذا تجعل من مشاعرك فرجة للجميع، لماذا تستنزف طاقتك في كتابة قصص عميقة لمن لا يقرأ ولو دقيقة؟؟
حسنا؛ لطالما ترفعت عن الرد، ليس لتفاهة الأسئلة، أو لأنها تقتحم خصوصيات وطقوس شخصية, وإنما أترفع لأنهم يجهلون كواليس ما قبل الكتابة وما بعدها..!!
إذن؛ إجابتي كالآتي:
ماذا كنتم تنتظرون يا رفاق; من شاب يقضي أغلب ساعاته في كتابة وتحرير أخبار وتقارير ومواضيع عن الحروب والقتل والجريمة، وأخرى عن النصب والاختلاس والسرقة.. ويقطع مسافات لأجل تغطية واقعة أو حدث رياضي، سياسي أو ثقافي معظمهم بعيدا عن ميولاته.
ماذا كنتم تنتظرون مني أنا الذي أقرأ عددا من الكتب وأبحث في السير الذاتية لأيام، من أجل القيام بحوار متمكن لا يتعدى ساعة وإن زادت ستكون نصفا.
ماذا كنتم تنتظرون من صحافي يحترم سلطته الرابعة، ويود أن يكون ملتزما بقضايا أبناء جلدته، فيتفانى في بناء روبورتاج متين عن الهجرة السرية وأطفال الشوارع، وعن سكان الجبال الذين يعانون قساوة البرد والثلوج، وعن مرضى السرطان، واحتجاجات الأطر والمعطلين، أو عن الأمهات العازبات والرجال المعنفين من لدن نسائهم، وأسباب تردي البحث العلمي في الجامعات، وعن حياة الطلبة داخل الأحياء الجامعية، وعن الأخطاء الطبية، أو عن الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، وعن ارتفاع الأسعار…
ماذا تنتظرون من عاشق للصحافة يقرأ عشرات المقالات ليكتب مقالا جيدا يحترم ذكاء القارئ وتوجهاته، ويتنقل في اليوم بين أكثر من مكان بحثا عن وثيقة تزكي تحقيقا أو تؤكد إشاعة أو تفندها.
ماذا تنتظرون ممن يناقش ويجادل رئيسه لأنه يأبى أن يتخلى عن مبادئه، أو يتنازل عن خطه التحريري.
يا رفاق; لا تحكموا على الكتاب من عنوانه، فنحن نكتب عن الحب والمشاعر ليس لأننا عاطفيون وإنما لكوننا واقعيون، وتلكم وسيلتنا للهروب من واقع كئيب حتى لا نبوح بما نتعايشه من خبث في السياسة، ومكر في الثقافة، وما نراه من وساطة في مساباقات ومنتديات الشعر والقصص والرواية، ومن ضحك على الذقون في هذه الأمسية أو في ذاك المهرجان..!!
يا صديق يا صديقة؛ فوق هذا وذاك ماذا تنتظرون من باحث محاصر بين أفكار ثلة من الجهابذة، هنا دي سوسير ورولان بارث وساندرس بورس وجاك ديريدا، وهناك أمبرتو إيكو وكريماص وفينجينشتاي وهيدغر، وعلى اليمين هلمسليف وبيفنيست وأوستن وهوسرل وجاكوبسون وديكرو، وعلى اليسار بيرلمان وتيتيكا وميشيل فوكو وهابرماس، وما بينهما سعيد بنكراد وطه عبد الرحمان، وفريد الزاهي ويقطين وبيير بورديو وأرسطو
نحن يا رفيق قد نسهر ليلا بحثا عن ما يبرهن مدى نجاعة المناهج النقدية الحديثة في تطوير تقنيات الإعلام عوض نظريات الإعلام الجامدة، وقد نسهر لمشاهدة فيديوهات وقراءة أمهات كتب عن تاريخ الصحافة وعن مفهوم الخطاب، وعن كيفية تحليل الخطابات السياسية والإشهارية والبصرية والسينمائية والشعرية والأيديولوجية.. نحاول تحليل ما يحدث في مصر والسودان وسوريا ولبنان والعراق، وفي فلسطين والجزائر… وما يحاك في أوروبا وأمريكا.
كل هذا نقوله لنبرهن ونؤكد كم نحن عاطفيون..!!
أرأيت كم هي الإجابة بسيطة، وكم كانت تغنيكم عن طرح أسئلة أجوبتها قد لا تجيديون لفهمها سبيلا…
صفوة القول: لا تعتقد أن تفهمني من خلال منشور أو حتى لقاء، فأنت فقط فهمت ما أريدك أن تفهمه، لأن بين ما نقوم به سرا وما نظهره على الواقع، متاهات أفصح وأبلغ.
لكن؛ هذا لا يمنع أن أقر بحقيقة مفادها؛ أن الحب لازال عندي قضية ومبدأ، وفيه ومن خلاله أكون أو لا أكون، وسأظل أكتب عنه حتى بعد أن ألتقي بمن تشبهني حد التناقض.
ختاما؛ إجابة عن من قالت لماذا لا تتزوج من تحب..؟؟
صديقتي؛ لعلمك وبعيدا عن الهوامش، قد كانت تجربة أفلاطونية انتهت لأسباب، لهذا تجدينني متريتا ومتأنيا هذه المرة في إيجاد الأوركيدة، توأمة الروح المناسبة شكلا وجوهرا.
خلاصة؛ هل أصبحت الكتابة عن الحب والبوح بالمشاعر جريمة أم خطيئة..؟؟
ما أغربكم تنتقدوننا ثم تقلدوننا.
لهذا؛ قبل أن تسألني لماذا نكتب عن الحب، اسأل نفسك ولماذا لا نكتب عن الحب..؟؟