مراكش من سبعة رجال إلى ثمانية، عبد الإله مول الحوت الرجل الثامن
الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا- بقلم: د. فؤاد هراجة
عبد الإله المراكشي الرجل الصغير الذي سلك بحوته طريقا بعيدا عن مسالك قطاع الطرق والشناقة ومصاصي الجيوب، وهو ما عبرت عنه سلطات مراكش يقولها: “لم تمر سلعته أي حوته من الطريق الطبيعية لها” فالرجل الصغير قد طوى بحبه للفقراء وخلو نفسه من الجشع طول مسافة المضاربات وجعل السعر ينطلق من الميناء إلى محل البيع فيتحول سعر سدالسردين الذي وصل 30 درهما إلى 5 دراهم وقس على ذلك باقي الأنواع والأثمنة.
هذا التصوف التجاري الذي طوى مسافات الأسعار كما تطوى مسافات السلوك لدى أولياء الله، الذين يسلكون بالفقراء إلى باب الله سبحانه من أقصر السبل، فكذلك سلك هذا الزاهد بقناعة نفسه وزهده بالفقراء إلى مادة السمك التي كانوا يرونها بعيدة المنال. ولئن كان أولياء الله يكشفون بأنوارهم ظلمة النفوس المنافقة، فإن هذا الزاهد الصغير كشف السراديب التي تنفخ في ظلامها أسعار السلع. إن ما قام به هذا الزاهد في الربح الفاحش المسمى عبد الإله المراكشي ليس مجرد خدمة للفقراء ومنعدمي الدخل، بل هو فضح شامل لعصابة تجار استولت على مؤسسات الدولة وسخرت كل إمكانياتها من سلطة عمومية وبرلمان ومجالس عليا وصناديق وطنية، وصفقات داخلية وخارجية لاستنزاف جيوب المواطنين وإثقال كاهلهم بأسعار خيالية تشهد ارتفاع مطرد، ودون وجود أي مبررات اقتصادية منطقية إلا صمت وسكوت المتضررين، فهل ستكون صرخة عبد الإله المراكشي الذي أغلقوا محله بمثابة ضربة المروحة التي ستعلن مرحلة مناهضة دولة الشناقة وحكومة البزناسة ومؤسسات السمسرة؟ هل ستكون صرخة هذا الزاهد بمثابة القشة التي تقصم ظهر تجار الظلام الذين نفذوا إلى دواليب الدولة وتنقيتها منهم تماما كما ينقي الولي المربي نفوس مريديه؟ إن المعرب الدولة أصبح في أمس الحاجة إلى من يخلصه من مرض الجشع والاحتكار واللهطة التي أصابت مسؤوليه، وهذا لن يتم إلا بإعلان الصيام ثم الصيام ثم الصيام حتى ترخص الأثمان، هم حرمونا من سلع فلنحرمهم من جيوبنا. فإذا كانت غزة قد صمدت تحت القصف سنة وأربعة أشهر، فباستطاعتنا أن نصوم على السلع التي تقصفنا بأسعارها حتى تضع الحرب أوزارها وتفيء الدولة إلى أمر الله، فإن فاءت أعلنا ظهور هلال شوال واستأنفنا العودة إلى السوق التي نحن ملوكها le client est roi. إلى ذلك الحين كل التحية والتقدير للزاهد عبد الإله المراكشي الرجل الثامن لمدينة مراكش الذي صرخ وفضح فهل من مجيب؟