تدهور التربة في المغرب: تأثير التغيرات المناخية والضغوط البيئية على الخصوبة والتنوع البيولوجي
الشاملة بريس بالمغرب وأوروبا– دينامية وتدبير البيئة جامعة إبن طفيل القنيطرة/ بدر شاشا
يشهد المغرب في السنوات الأخيرة تدهورًا ملحوظًا في التربة وفقدانًا تدريجيًا لخصوبتها نتيجة التغيرات المناخية المتزايدة والضغوط البيئية التي تعصف بالبلاد هذه التغيرات تتضمن ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول الأمطار وزيادة تواتر الظواهر الجوية المتطرفة مثل الجفاف والعواصف التي تؤثر بشكل مباشر على جودة التربة وخصوبتها
الجفاف المتكرر يمثل أحد أبرز التحديات التي تواجه الزراعة في المغرب حيث يقلل من الرطوبة المتاحة في التربة ويؤدي إلى تآكلها وفقدان قدرتها على دعم نمو النباتات هذه الظاهرة تجعل التربة أقل قدرة على الاحتفاظ بالمياه والمواد المغذية مما يؤدي إلى تدهور المحاصيل وتراجع إنتاجية الأراضي الزراعية هذا الوضع يتفاقم مع تزايد الضغط على الموارد المائية التي تتعرض بدورها للاستنزاف نتيجة زيادة الطلب وانخفاض مستويات المياه الجوفية
كما أن التحولات في أنماط هطول الأمطار تؤدي إلى زيادة معدلات التعرية وتآكل التربة بفعل الأمطار الغزيرة التي تهطل في فترات قصيرة تؤدي هذه الأمطار إلى جرف الطبقات العلوية من التربة الغنية بالمواد العضوية والمغذيات ما يقلل من قدرة التربة على دعم نمو النباتات على المدى الطويل هذا التآكل يؤدي إلى تقليل مساحة الأراضي الزراعية القابلة للاستغلال ويدفع بالمزارعين إلى البحث عن حلول غير مستدامة مثل استخدام الأسمدة الكيميائية بشكل مكثف الذي يساهم بدوره في تدهور جودة التربة
من جهة أخرى تتعرض العديد من النباتات والتنوعات البيولوجية في المغرب لخطر الانقراض بسبب التغيرات المناخية والضغوط البيئية التي تؤثر على مواطنها الطبيعية حيث يؤدي فقدان التربة وتدهورها إلى تدمير المواطن الطبيعية التي تعتمد عليها هذه النباتات من أجل البقاء التكامل البيئي يتعرض للاضطراب حيث تصبح البيئات الطبيعية أقل تنوعًا وأقل قدرة على دعم الحياة البرية والنباتية
هذا التدهور البيئي يهدد بشكل مباشر التنوع البيولوجي في المغرب حيث تشير الدراسات إلى أن العديد من الأنواع النباتية المحلية تواجه خطر الانقراض بسبب فقدان موائلها الطبيعية وانخفاض جودة التربة هذا الخطر لا يؤثر فقط على النباتات بل يمتد ليشمل النظم البيئية بأكملها التي تعتمد على هذه النباتات في دورتها الحياتية
لمواجهة هذه التحديات الكبيرة يتعين على المغرب اتخاذ خطوات جادة للحفاظ على التربة والبيئات الطبيعية وضمان استدامة الموارد الزراعية من بين هذه الخطوات تعزيز السياسات البيئية والزراعية التي تركز على الاستدامة مثل تشجيع الزراعة العضوية وتقنيات الري المستدامة وحماية المناطق الطبيعية التي تحتوي على تنوع بيولوجي فريد كما ينبغي تعزيز التوعية البيئية وتشجيع الأبحاث العلمية التي تسعى إلى فهم تأثيرات التغيرات المناخية على التربة والنظم البيئية والعمل على تطوير حلول مبتكرة للتكيف مع هذه التحديات
إن الحفاظ على التربة وخصوبتها وضمان بقاء التنوع البيولوجي في المغرب ليس مجرد ضرورة بيئية بل هو أمر حيوي لضمان الأمن الغذائي والاستدامة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد في المستقبل يتطلب ذلك رؤية طويلة الأمد وجهودًا متكاملة من الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتحقيق التنمية المستدامة في مواجهة التغيرات المناخية والضغوط البيئية المتزايدة.