الشاملة بريس- إعداد: مولاي عبد الرحمن أفقير
العشق هو مقام في الحب وهو عبارة عن : ميل الطبع إلى شيء الملذ ،فإن تأكد ذلك الميل وقوي سمي عشقاً فيجاوز إلى أن يكون رقيقاً لمحبوبه وينفق ما يملك لأجله كانت السيدة زليخا إذا رفعت رأسها إلى السماء رأت اسم يوسف مكتوباً على الكواكب من شدة حبها له , وحكى أيضا عن مجنون ليلى قيل له ما أسمك قال ليلى وقيل له يوماً ليلى قد ماتت قال إن ليلى في قلبي لم تمت أنا ليلى ومر يوماً على دار ليلى فنظر إلى السماء فقيل له يا مجنون ليلى لا تنظر إلى السماء ولكن أنظر إلى جدار ليلى تراها قال أنا أكتفي بنجم يقع ظله على دار ليلى.
فأن صدق المحبة في ثلاث خصال أن يختار كلام حبيبه على كلام غيره ويختار مجالسة حبيبه على مجالسة غيره ويختار رضا حبيبه على رضا غيره …كذا في المنتهى. وقيل العشق هتك الأستار وكشف الأسرار , والوجد عجز الروح عن احتمال غلبة الشوق عند وجود حلاوة الذكر حتى لو قطع عضو من أعضائه لا يحس ولا يشعر.
كان رجلاً يغتسل في الفرات فسمع رجلاً يقرأ [ وَامتاَزُوا اليَوم أيُها المُجرِمُونَ ] فلم يزل يضطرب حتى غرق ومات . وسئل بعض المشايخ عن المحب فقال قليل الخلطة كثير الخلوة دائم الفكرة ظاهر الصمت لا يبصر إذا نظر ولا يسمع إذا نودي ولا يفهم إذا كُلم ولا يحزن إذا أصيب بمصيبة وإذا أصيب بجوع فلا يدري ولا يشعر ويشتم ولا يخشى , يلجئ إلى الله تعالى في خلوته ويأنس به ويناجيه ولا ينازع أهل الدنيا في دنياهم
مر سيدنا عيسى عليه السلام بشاب يسقي بستاناً فقال الشاب لعيسى عليه السلام سل ربك أن يرزقني من محبته مثقال ذرة فقال سيدنا عيسى عليه السلام لا تطيق مقدار ذرة فقال نصف ذرة فقال عيسى عليه السلام يا رب ارزقه نصف ذرة من محبتك فمضى عيسى عليه السلام فلما كان بعد مدة طويلة مر بمحل الشاب فسأل عنه فقالوا جن وذهب إلى الجبال فدعا الله عيسى عليه السلام أن يريه إياه فرآه بين الجبال فوجده قائماً على صخرة شاخصاً طرفه إلى السماء فسلم عليه عيسى عليه السلام فأوحى الله تعالى إلى عيسى كيف يسمع كلام الآدميين من كان في قلبه مقدار نصف ذرة من محبتي فوعزتي وجلالي لو قطعته بالمنشار لما علم ذلك.
*-من ادعى ثلاثة ولم يتطهر من ثلاثة فهو مغرور
– أولها من ادعى حلاوة ذكر الله وهو يحب الدنيا
– وثانيها من ادعى محبة الإخلاص في العمل ويحب تعظيم الناس له
– وثالثهما من ادعى محبة خالقه من غير إسقاط نفسه : وقال صلى الله عليه وسلم : سيأتي زمان على أمتي يحبون خمساً وينسون خمساً : يحبون الدنيا وينسون الآخرة , ويحبون المال وينسون الحساب , ويحبون الخلق وينسون الخالق , ويحبون الذنوب وينسون التوبة , ويحبون القصور وينسون القبور .
قال تعالى [ يَوم لا يَنفعُ مالٌ ولا بنونَ * إلا مَن أتَى الله بِقَلبٍ سَليمٍ ] اللهم ارزقنا التوبة قبل الموت ونبهنا عند الغفلة وانفعنا بشفاعته نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . صفة المؤمن أن يتوب من يومه ومن ساعته ويندم على ما فعل من ذنوبه ويرضى بالقوت في من الدنيا ولا يشتغل من بالدنيا بل يشتغل للآخرة ويعبد الله تعالى بالإخلاص .
*-وحكي أن آسية عليها السلام امرأة فرعون كانت تكتم إيمانها من فرعون فلما اطلع فرعون على إيمانها أمر بها أن تعذب فعذبوها بأنواع العذاب وقال ارتدي فلم ترتد فأتى بأوتاد وضربوها على أعضائها ثم قال ارتدي فقالت إنك تعلم بنفسي وقلبي في عصمة ربي لو قطعتني إرباً ما ازددت إلا حباً فمر موسى عليه السلام بين يديها فنادت موسى أخبرني أراض عني ربي أم ساخط قال موسى عليه سلام يا آسية ملائكة السموات في انتظارك أي مشتاقة إليك والله يباهي بك فسأليني حاجتك فإنها مقضية فقالت [ رَب ابنِ لي عِندَكَ بَيتاً في الجَنةِ وَنَجنِي من فِرعونَ وعَملِهِ وَنَجنِي مِنَ القَومِ الظالِمِينَ ]<سورة التحريم> .
وعن سلمان رضي الله عنه قال كانت امرأة فرعون تعذب بالشمس فإذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها وكانت ترى بيتها في الجنة . وعن أبي هريرة أن فرعون وتد لامرأته أربعة أوتاد وأضجعها وجعل صدرها رحى واستقبل بها عين الشمس فرفعت رأسها إلى السماء وقالت [ رَب ابنِ لي عِندَكَ بَيتاً في الجَنةِ ]الآية … قال الحسن فنجاها الله ورفعها في الجنة فهي تأكل وتشرب . وفيه دليل على أن الاستعاذة بالله والالتجاء إليه ومسألة الخلاص منه عند المحن والنوازل من سير الصالحين .