الشاملة بريس-بقلم \ الكاتب و المفكر خالد محمود عبد اللطيف
رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
يكتنف مصطلحَ التربية الجنسية وأساليب تطبيقاته كثيرٌ من الغموض والتنازُع عند الباحثين التربويين، والمنشغلين بنواحي الثقافة الجنسيَّة؛ حيث يَحتدم الصِّراع بينهم حول حدود معارِفها العلميَّة، وأساليب إيصالها، والسنِّ المناسبة لعرضها، والجهة المسؤولة عن تقديمها؛ ممَّا جعل من ميدان التربية الجنسيَّة ساحةً خصبة لنشر الأهواء الفكريَّة، والشذوذات السلوكيَّة، التي تُذكيها النظريات الجنسيَّة، والأبحاث الميدانية، والثورات العاطفيَّة العارمة، التي أفقدَت هذا المجال سِريَّته وستره.
وهذا التَّشتُّت الفِكري والسلوكي يَرجع بطبيعة الحال إلى فقدان الثوابت العقديَّة والسلوكيَّة، التي يتمتَّع بها منهج التربية الإسلامية دون غيره؛ حيث جعل من التربية الجنسيَّة ميدانًا ضروريًّا للعبادة، فربط بينها وبين الشعائر التعبديَّة وبعض قضايا الأسرة برباط لا يَنفصم، وألزم المربِّين من كلِّ طبقات المجتمع بإشاعة المعرفة بها، وإذاعتها كأوسع ما يكون، حتى إنَّ الأمِّي في المجتمع المسلم لا تَخفى عليه فروضها، وكثيرًا من سننها ومستحبَّاتها، في الوقت الذي قد يَجهل كثير من الأوروبيين – رغم الانفلات الخلقي عندهم – العديدَ من معارفهم الجنسيَّة؛ (مشروع التربية الجنسية للفتاة المسلمة، بدون).
وفي وقتنا الحاضر لم يَعُد الوالدان وحدهما أو حتى المعلِّم من يَمتلك مصدرَ المعلومات وتوجيه السُّلوك، فهناك العديد من المؤسَّسات التي تساهِم اليوم إلى جانب الأسرة والمدرسة في تَشكيل شخصيَّة أبنائنا، وتوجيه سلوكهم، وبثِّ القِيَم في نفوسهم سلبًا أو إيجابًا، وخاصة ما تتيحه وسائل الإعلام والتقنيات الحديثة من معلومات، وتبثه من قِيَم، في كثير من الأحيان يَحكم المربُّون عليها بالسلبيَّة؛ حيث لا تَنسجم مع قِيَمنا وتراثنا الإسلامي، خاصَّة فيما يتعلَّق بالتربية الجنسيَّة ومفهوم العلاقة بين الرجل والمرأة.
ومن هذا المنطلَق، وجب أساسًا على الأسرة أن تَعي أهمية التربية الجنسيَّة من خلال روافدها الإسلاميَّة المعروفة من قرآن وسنَّة نبوية، وكتب علميَّة سليمة ينصح بها أهل العلم والتخصُّص، فضلًا عن الدروس العلميَّة التي يمكن أن يتلقَّاها التلميذ والطالب بخصوص التربية الجنسيَّة دون أن يتعدَّى ذلك الضوابطَ الشرعيَّة، أو يتجاوز الذوقَ والآدابَ العامَّة؛ وبذلك تؤدِّي التربية الجنسية أدوارَها وغاياتها المطلوبة منها، من أجل جيلٍ سليم معرفيًّا وتربويًّا، ومحصَّن أفضل تحصين من العوامل والمغريات التي تحاول اختراقَ هذا الحصن وتفتيت رَكائزه، خاصَّة في عصر العولَمة الكاسحة التي اختلَط فيها الحابل بالنَّابل، والضارُّ بالنافع، ممَّا يستدعي من الآباء والأمَّهات وضع عين المراقبة لأبنائهم، دون أن يعني هذا رقابة لَصيقة لهم، أو خنقًا لحرِّيَّتهم، أو إحصاء لحركاتهم، بل توجيهًا من بعيد إن اقتضى الحال، أو توجيهًا مباشرًا إن دعَت الضرورة لذلك؛ (الأشرف، 1430 ).
تعريف التربية الجنسية:
عُرِّفت التربية الجنسية بعدَّة تعريفات، منها:
- التربية الجنسية هي: مفهوم واسِع، يشمل تعليمَ وتربية التشريح الجنسي، التكاثر الجِنسي، الجماع، الصحَّة الجنسيَّة، العلاقات العاطفية، مسؤوليات وحقوق التناسل، تحديد النسل، وجوانب أخرى لسلوكيات البشر الجنسيَّة.
ويتمُّ تعلُّم التربية الجنسية عن طريق الوالدين، البرامج الدراسية، والدين، وبرامج التوعية الصحيَّة؛ (تربية جنسية، بدون).
- التربية الجنسيَّة؛ عرَّفها (خماش 1985) بأنَّها عمليَّة سيكولوجية شاملة، تهدف إلى إحداث أكبر قَدر من التغيير والتهذيب في المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالجنس؛ (الشكعة، 2004).
- التَّربية الجنسيَّة هي: عمليَّة اكتساب معلومات، وتشكيل اتجاهات واعتقادات حول الجنس والهويَّة الجنسيَّة والعلاقات العاطفيَّة، وتُعنى بتطوير مهارات الأفراد حتى يَحصلوا على معلومات صحيحة، وتعطي حقائقَ حول الجِنس، وتساعد الأفرادَ على حماية أنفسهم ضدَّ الاستغلال والاغتصاب، والعلاقات غير المشروعة، والأمراض المنقولة جنسيًّا؛ كالإيدز؛ (الخوالدة، 2013).
- التَّربية الجنسيَّة هي: إمداد الفرْد بالمعلومات العلميَّة، والخبرات الصحيحة، والاتِّجاهات السليمة، إزاء المسائل الجنسيَّة، بقدر ما يَسمح به النموُّ الجسمي الفسيولوجي والعقْلي الانفِعالي والاجتِماعي، وفي إطار التَّعاليم الدينيَّة والمعايير الاجتِماعيَّة والقِيَم الأخلاقيَّة السَّائدة في المجتمع؛ ممَّا يؤدِّي إلى حسن توافُقه في المواقف الجنسيَّة، ومواجهة مشكلاتِه الجنسيَّة مواجهةً واقعيَّة، تؤدِّي إلى الصحَّة النفسيَّة.
وبِهذا المعنى فالتَّربية الجنسيَّة لا يُقصد بها تعْليم الجِنس؛ بل توجيه كِلا الجِنْسَين من منظور دينيٍّ وأخلاقي نحوَ المسائل الجنسيَّة، والتغيُّرات الجسميَّة التي يتفاجَأ بها أبناؤها على حين غَفلة، والابتعاد عن التعلُّم الاعتباطي الكَيْفي عن طريق أحد أصدقاء السُّوء، أو عن طريق التَّجارب الخاطِئة التي يَقع فيها أولادنا عندما نبتعِد عنهم؛ (البرجاوي، بدون).
الفرق بين التربية الجنسية والثقافة الجنسية:
يقول الدكتور حمد بن عبدالله القميزي نقلًا عن الباحث الأستاذ حمد بن راشد الكثيري في رسالته الموسومة (مفهوم الثقافة الجنسيَّة – دراسة نقدية في ضوء الإسلام):
“الثقافة الجنسيَّة تَختلف عن التربية الجنسيَّة؛ لأنَّ الثقافة الجنسيَّة عبارة عن مجموعة معلومات متعلِّقة بالجنس، بشتَّى صورِه وأشكاله؛ المباحة والمحرَّمة، الإيجابيَّة والسلبية، الطبية والنفسيَّة، الذَّكرية والأنثويَّة، وغيرها.
أمَّا التربية الجنسية، فإنَّها تعني: بناء الاتجاهات الإيجابية لدى الأولاد (البنين والبنات) نحو المعلومات الجنسيَّة، وتوجِيههم إلى التعامل الصَّحيح مع هذه المعلومات، بالقدر الذي يَسمح به نموُّهم الجسمي والفسيولوجي والعقلي والانفعالي والاجتماعي، وفي إطار التعاليم الدينيَّة، والمعايير الاجتماعيَّة، والقِيَم الأخلاقيَّة السائدة في البيئة الاجتماعية؛ ممَّا يؤهِّلهم إلى تجاوز المشكلات والأزمات الجنسيَّة التي قد تواجِههم في فترة ما قَبل الزَّواج، وإلى كيفيَّة إشباع هذه الغريزة الإنسانيَّة بالطريق المشروع (الزواج)، ومن ثمَّ العيش في استقرارٍ نفسي، يَعقبه سعادة زوجيَّة وأسريَّة، وبناء مجتمع واعٍ، خالٍ من السعار الجنسي ونتائجه السلبية”؛ (القميزي، بدون).
أهداف التربية الجنسية:
تَسعى التربية الجنسية إلى تحقيق عدد من الأهداف، منها:
- تزويد الفرد بالمعلومات الصحيحة اللَّازمة عن ماهية النَّشاط الجِنسي، وتعليمه الدلالات العلمية المتَّصلة بالأعضاء التناسليَّة، من أجل تكوين اتجاهات سليمة نحو الأمور الجنسيَّة، بما يتماشى مع العلاقات الإنسانيَّة والطبيعية ومبادئ نموِّ الشخصية.
- ضمان إقامة علاقات سليمة بين الجِنسين قائمة على فهمٍ دقيق واتجاهات صحيحة، مع تقديرٍ كامل للمسؤوليَّة الشخصيَّة والاجتماعية للسلوك الجِنسي، ووقاية الفرد من أَخطار التجارب الجنسيَّة غير المسؤولة وغير الشرعيَّة، سواء كانت الصحيَّة، أو النفسية، أو الاجتماعية.
- تنمية الضَّمير الحي فيما يتعلَّق بأي سلوكٍ جنسيٍّ يقوم به الفرد؛ بحيث يتماشى مع التعاليم الدينيَّة والمعايير الأخلاقية، وبما يحقِّق احترام الذات وعدم الضرر بالآخر.
- تصحيح المعلومات والأفكار والاتجاهات الخاطئة نحو بعض أنماط السلوك الجنسي؛ (عبدالله وياور، 2012).
شروط التربية الجنسية:
ترتبط التربية الجنسيَّة للأبناء بآليات الشرح والمناقشة، والتوعية والتقويم، والتوجيه بأدب، ودون تعنيف أو ازدراء، أو تعالٍ أو ترفُّع؛ ذلك أنَّها تربية تلازمهم طيلة حياتهم، وتنير لهم جانبًا حيويًّا من علاقاتهم مع أجسادهم، وأيضًا مع الجنس الآخر في علاقات الزواج وما تتضمَّنها من روابط المعاشرة الجنسية.
وحدَّد الباحث المغربي محمد الصدوقي الشروطَ الواجب توفُّرها من طرف الوالدين من أجل التمكُّن من التربية الجنسية، ومنها:
- التخلص من التمثلات السلبيَّة حول الجنس والتربية الجنسية؛ مثل تابوهات وممنوعات، والوعي بأهميَّة وخطورة الجنس والتربية الجنسية في البناء السليم لشخصية أبنائهما (ذكورًا وإناثًا)، وتوجيههم ووقايتهم من أشكال الانحرافِ والأخطار المرتبطة بالحياة والعلاقات الجنسيَّة، والإيمان بقِيَم الحوار والتتبع والمصاحبة في علاقتهم مع أبنائهم.
- التأهيل المعرفي العلمي؛ أي: المعرفة العلمية بالجنس وثقافة وآليات التربية الجنسيَّة، والمعرفة العلميَّة بالخصوصيات والحاجيات النفسيَّة والنمائيَّة للطفل؛ ذكرًا أو أنثى.
وتَعتبر المختصة “صليحة الطالب” أنَّه لا يجب أن نقمع الأطفالَ، بل يَجب أن نردَّ على تساؤلاتهم؛ فالطِّفل الصَّغير يتساءل عن أمور يَسهل الجواب عليها إلى حدٍّ ما، مضيفة أنَّ الإشكال يَقع مع الراشدين؛ فالنزعة والإعجاب للطَّرف الآخر يكون عاديًّا، وكثير من المراهقين يَقعون في أخطاء؛ نظرًا لجهلهم بهذا الموضوع، وكثير من الزيجات قد تؤول إلى الطَّلاق بسبب هذا الجهل أيضًا؛ (الأشرف، 1430).
آليات التربية الجنسية:
يَعتبر الباحث المغربي “محمد الصدوقي” أنَّ كيفية شرح الوالدين للمواضيع الجنسيَّة لأبنائهم مَشروطة بطبيعة المرحلة النمائيَّة والعمريَّة للأبناء وجنسهم، وطبيعة الثقافة والعلاقات السائدة داخل الأسرة، مؤكدًا أنه عمومًا يجب أن يكون هذا الشَّرح والتدخُّل مراعيًا لما يلي:
- استعمال لغة علميَّة بسيطة ومفهومة حسب المرحلة العمريَّة للأبناء.
- استعمال لغة الإيحاء إن كانت اللُّغة الصريحة المباشرة تشكِّل بعضَ الحرَج، أو اعتماد مواقف وسلوكيَّات معيَّنة هدفها التَّوجيه التربوي غير المباشر للحياة الجنسيَّة لأبنائهم.
- توظيف الأمثلة والقصص والحكايات ذات الحمولة التربويَّة الجنسيَّة المباشرة أو غير المباشرة، أمَّا في وسط عائلي محافظ، فيمكن – وَفق رأي الباحث المغربي – شرح الأمور الجنسيَّة الخاصة للطِّفلة من طرف الأم، وللطِّفل من طرف الأب، أو الاستعانة بأفراد العائلة أو الأصدقاء أو المدرِّسين أو المختصين…
- تزويد الأبناء بمصادر المعرفة العلميَّة والسليمة التي تَهتم بالحياة والأمور الجنسيَّة، أو توجيههم إليها.
- تَشجيع الأبناء على البوح بأسئلتهم ومشاكلهم التي تهم حياتهم الجنسيَّة والعلاقة مع الجنس الآخر، وجعلهم يَفهمون أنَّ الأمور الجنسيَّة طبيعية وعاديَّة، وأنَّ معرفتها أمر ضروري من أجل حياة جنسيَّة سليمة نفسيًّا، وشرعية قيميًّا وأخلاقيًّا، وأنَّ الجنس يتجاوز معنى الممارسَة السائد في مجتمعاتنا؛ حيث إنَّ الجنس هو أخلاق وقِيَم، والتزام اجتماعي تجاه الجنس الآخر، ومعرفة الجنس في أبعاده المختلفة مفيد من أجل بناء شخصيَّة سويَّة ومتوازنة، وتأسيس حياة زوجيَّة سليمة وناجحة.
وتضيف “صليحة الطالب” عاملًا آخر مساعدًا على التربية الجنسيَّة؛ وهو غضُّ البصر بكلِّ محاوره، والحجاب وعفَّة المرأة بالحجاب، وأبعاد الحجاب في تواصل الفتاة مع الشاب؛ فالشابُّ ينظر للشابَّة من خلال الحجاب نظرة المرأة الإنسان وليست نظرة المرأة الأنثى، وتوضح الاستشاريَّة المغربية أنَّ أخطر مرحلة في التربية الجنسيَّة هي مرحلة المراهقة؛ فالمراهِق من الضَّروري أن يتعرَّف على البنية النفسيَّة للمرأة والبنية النفسيَّة للرجل، وما تحتاجه المرأة في هذا الموضوع وما يَحتاجه الرجل أيضًا، وأنَّ النزعة الجنسيَّة والإحساس بالآخر في هذه المرحلة تكون في أوجها؛ فلهذا وجب أن يتعرَّف هؤلاء المراهقون على مِثل هذه الأمور لكي يُديروا هذه النزعة الجنسيَّة إدارةً صحية وشرعية؛ (الأشرف، 1430).
مبادئ التربية الجنسية للفتاة المسلمة:
يحتم المنطلَق الشرعي والواقعي على المجتمع أن يتناول بالاهتمام – عبر مؤسساته المختلفة – وضعَ صياغة تربويَّة مشروعة لمنهج التربية الجنسيَّة، يُحقق للفتاة سلامتها الخلقيَّة والصحيَّة، ويساعدها على ضبط اتِّزانها العاطفي والسلوكي؛ بحيث يَنطلق هذا المنهج من ثلاثة مبادئ رئيسة، على النحو الآتي:
المبدأ الأول: أنوثة الفتاة موضع حرمة أخلاقيَّة: حيث تتربَّى الفتاة من أول أمرها على تَعظيم شأن العورة، وقبيح إبدائها، وأنَّها في الحُرمة أعظم من عورة الرجل وأغلظ، ويُعظَّم ذلك في نفسها؛ ليُسبغ على ذلك الموضع منها طابع التحريم، الذي يُميز تلك الأعضاء المكنونة عن غيرها بخصوصيَّة ليست لشيء آخر من أعضاء بدنها، حتى يصبح مجرَّد انكشاف العورة ولو في حال الخلوة ممقوتًا في حسِّها، فضلًا عن العبث الجنسي، أو التفريط الخُلقي.
المبدأ الثاني: أنوثة الفتاة موضع فتنة اجتماعية؛ لكونهنَّ رأس الشهوات، وموضع أعظم الملذَّات؛ حيث تتصدَّر الفتنة بهنَّ أعظم أنواع بلايا الرجال، وأشد مخاطر أول الزَّمان وآخره، وليس ذلك لقوَّةٍ فيهنَّ، ولكن لضعف طِباع الرجال من جهتهنَّ؛ حيث قهرهم الله بالحاجة إلى النِّساء، حتى جعل الميلَ إليهنَّ كالميل إلى الطعام والشراب؛ حيث بثَّ فيهنَّ عنصر الأنوثة الذي يَلعب في كيان الذَّكَرِ دور الشرارة في الوقود، حتى يَسْري لهب الشهوة في بدنه كحريق النَّار، فينصبغ العالَم من حوله بطابع الشَّهوة، حتى تستحوذ على زمام سلوكه، فلا يبقى له رأي ولا فهم، ولا يَلتفت إلى شيء حتى يقضي وطرَه بصورة من الصور، فالمثيرات الجنسيَّة تعمل فيهم عمل المُشهيات للأطعمة، تَدفعهم دفعًا نحو الجنس بإلحاح؛ ولهذا كثيرًا ما يقع الشباب في عادة الاستمناء القبيحة، بصورة واسعة وكبيرة؛ يتخفَّفون بها من شدَّة الإثارة الجنسيَّة.
المبدأ الثالث: أنوثة الفتاة موضع متعة زوجيَّة: بحيث لا تَستنكف أن تكون موضع استمتاع للزَّوج في بدنها وبضْعها، ومكانًا لقضاء وطَره، ومنْبت ولده؛ فإنَّ الفتاة الحرَّة في الأصل ممنوعة ومحفوظة من كلِّ الرجال مطلقًا، إلَّا مِن أجنبي عنها بنكاح صحيح؛ إذ الحكمة تَقتضي ذلك، بحيث يبلغ التجاذُب بينهما مداه الأقصى، حتى يستمرَّ للبشريَّة أسباب بقائها ضمن منظومة التزاوج، التي بُنِيَ على أساسها مبدأ تكاثر الأحياء وتناسلها.
ومن خلال هذه المبادئ الثلاثة يُمكن للمنهج التربوي أن يَنطلق في تربية الفتاة من الناحية الجنسيَّة عبر نظام الإسلام وشرائعه المختلفة التي كلَّف الله تعالى بها الناسَ، بعيدًا عن أسلوب التفحُّش والانحراف الخُلقي، الذي تتعاطاه المصادرُ الجنسية المشبوهة تحت ستار الثقافة الجنسية؛ (مبادئ التربية الجنسية للفتاة المسلمة، بدون).
دور المدرسة في التربية الجنسية:
وعلى الرغم من الجدال المحتدم حول قبول إدخال مادَّة التربية الجنسيَّة ضمن مقررات مدارسنا من عدمه، أو حتى تضمينها في المقرَّرات، الذي منشؤه منطلقات مجتمعاتنا الدينيَّة والقِيَمية والاجتماعيَّة التي تخشى من ولوجه أن يكون فتح باب شرٍّ وفساد عريض يصعُبُ سدُّه مستقبلًا، إلَّا أنَّ الحاجة ماسَّة لهذه التربية؛ لِما نشاهده من طفرةٍ علميَّة تكنولوجية متسارعة، قرَّبَت البعيدَ، وكشفت المستور، ويَسَّرَت الصعبَ، الأمر الذي يَستدعي من كلِّ الجهات ذات العلاقة دراسةَ هذا الأمر دراسةً علميَّة جادَّة، تُمكِّن من تدريس التربية الجنسية بطرق ووسائل صحيحة ومأمونة، تَحفظ للمجتمع قِيَمه وهُوِيَّتَه، وتحقِّق للتربية الجنسية أهدافَها.
يقول الدكتور حمد بن عبدالله القميزي في مقالٍ له: تؤكِّد الدراساتُ التربويَّة على ضرورة التربية الجنسيَّة بمفهومها المتكامل، من خلال مقررات دراسيَّة، ووسائل إعلامية هادفة؛ ذلك أنَّ الثقافة الجنسيَّة تنتشر اليوم انتشارًا رهيبًا، وسيزيد انتشارها مع توالي إنتاج وسائل تقنية حديثة، وبالتالي فإنَّه إذا لم يصاحِب انتشار هذه الثقافة (المعلومات) تربية صحيحة موجهة، فأخشى أن تَقع أجيالُنا الحالية والمستقبليَّة في أخطاء ومشكلات نندم عليها، وتبقى هذه الأجيال تحمِّلنا المسؤوليَّةَ في عدم القيام بواجبنا تجاهها؛ (القميزي، بدون).
لذلك تعدُّ المدرسة مكانًا ووسيلة مهمَّة وفعَّالة في التربية الجنسيَّة؛ فمن خلال الدراسات والأبحاث في هذا المجال تمَّ التوصُّل إلى أن برامج المدرسة الفعَّالة في هذا المجال، ينبغي أن تشمل:
1- قاعدة من النظريات التي تفسِّر التأثيرَ على الأفراد وسلوكياتهم الجنسيَّة.
2- تزويد الطلَّاب بمعلومات صحيحة حول الأخطار المرتبطة بالنَّشاط الجنسي، ومعلومات حول الحمل والولادة، وطُرق ووسائل تجنُّب العلاقات غير الشرعية.
3- كيفية التعامل مع الأقران، ومنع الضغوط على الصِّغار، وتزويدهم بفُرَص لتعلم مهارات الاتصال.
4- استعمال مداخل متنوعة في التعلُّم والتعليم تشرك الطلاب وتساعدهم في تجنُّب السلوكيَّات الخاطئة.
5- استعمال مداخل متنوعة في التعلُّم والتعليم مناسبة لعمر الطلَّاب وخِبرتهم وخلفيَّاتهم الاجتماعية والثقافية.
6- إعداد مربِّين ومرشدين يساهمون في تقديم النُّصح والإرشاد ويؤمنون بما يقولون.
ولقد أظهرَت العناصر السَّابقة عند تطبيقها في البرامج المدرسية في بعض الدول تحسُّنًا ملحوظًا في هذا المجال؛ (الخوالدة، 2013).
إلَّا أنَّ من الجدير ذِكره أنَّ تدريس التربية الجنسية كمادَّة منفردة أو متضمنة في مقرراتنا المدرسية أمرٌ يدعو للخوف والحذَر – خاصَّة في مجتمعاتنا المحافظة – لأنَّه يعالِج قضايا حسَّاسة؛ لذلك لا بدَّ من تضافُرٍ وتكامل بين كلِّ القنوات ذات العلاقة لِما مِن شأنه تقديم تربية جنسيَّة بصورة علميَّة صحيحة سليمة، تُراعي خصوصيَّات المجتمع، وتحقِّق أهدافَ هذه التربية.
المراجع:
- الأشرف، حسن (1430): التربية الجنسية للأبناء.. التوجيه والضمان، تم استرجاعه بتاريخ 16 / 3 / 2015م من الموقع: almoslim
- الشكعة، علي عادل (2004): الاتجاهات نحو تدريس التربية الجنسية وعلاقتها بمتغيري الجنس والتخصص عند معلمي ومعلمات المدارس الحكومية في فلسطين، جامعة النجاح الوطنيَّة، نابلس، فلسطين؛ مجلة العلوم التربوية والنفسية 5 / 224.
- البرجاوي، مولاي المصطفى (بدون): التربية الجنسية في الإسلام قواعد وضوابط، تمَّ استرجاعه بتاريخ 16 / 3 / 2015 م من الموقع: http://www.alukah.net/social/0/8612/
- القميزي، حمد عبدالله (بدون): تربية جنسية أم ثقافة جنسية، تمَّ استرجاعه بتاريخ 28 / 3 / 2015م من الموقع:
http://www.al-jazirah.com/2012/20120125/rj1.htm
- الخوالدة، علي إبراهيم (2013): التربية الجنسية في المدرسة أهميتها وضرورتها، تمَّ استرجاعه بتاريخ 8/10/2015م من الموقع: ammonnews
- عبدالله، علاء الدين كاظم وياور أحمد عجيل (2012): واقع التربية الجنسية في المدارس الثانوية (بنات) من وجهة نظر الطالبات والهيئة التدريسية، مجلة كلية التربية الأساسية جامعة بابل، العدد7، ص 290، تم استرجاعه بتاريخ 9 / 10 / 2015م من الموقع: www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=74997
- (بدون): مشروع التربية الجنسية للفتاة المسلمة، تم استرجاعه بتاريخ 16 / 3 / 2015م من الموقع:http://uqu.edu.sa/page/ar/51058
- (بدون): مبادئ التربية الجنسية للفتاة المسلمة، تم استرجاعه بتاريخ 16 / 3 / 2015م من الموقع:
http://uqu.edu.sa/page/ar/51060
- (بدون): تربية جنسية، تمَّ استرجاعه بتاريخ 16 / 3 / 2015م من الموقع: