بيان مركز الذاكرة المشتركة من اجل الديمقراطية و السلم
عقب الأحكام الصادرة في حق نشطاء “حراك الريف “
الشاملة بريس: مراسلة/ لجنة الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم
تلقى مركز الذاكرة المشتركة من اجل الديمقراطية و السلم بحزن وقلق عميقين الأحكام الصادرة في حق مجموعة من شباب نشطاء ما عرف ب “حراك الريف”، و هو الحراك الذي عرفته مدينة الحسيمة، و بعض نواحيها عقب الوفاة المأساوية للمرحوم محسن فكري.
إن مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية و السلم ، و هو مقتنع بأن حراك الريف ما هو الا جزء من تمظهرات الازمة التي تعقب عادة تجارب المصالحة غير المكتملة النجاح، و التي تحتاج الى جرعة أخرى من الجرأة و الذكاء ، مقتنع أيما اقتناع أن ما يقع اليوم في الريف راجع في جزء منه الى السرعة و السطحية التي تناولت بهما هيئة الانصاف و المصالحة ملف المنطقة بالرغم من التفاعل الايجابي لجميع الفاعلين السياسيين و الحقوقيين و المدنيين آنذاك، و ان المعالجة العميقة يجب ان تبدأ اليوم من نقد ايجابي لتجربة المصالحة مع الريف واعادة قراءتها. و مبتدأ ذلك استثمار و قراءة متمعنة لجلسات الاستماع العمومي و ما واكبها من جذب بين مناصري انعقادها و مناهضيهم ، خاصة و أن المناهضة كانت في الشكل و لم تكن في الجوهر .
و المركز، و هو يستحضر ضرورة احترام قرارات القضاء باعتباره ركيزة اساسية لبناء الديمقراطية، يعتبر:
أولا: أن الاحكام الصادرة قاسية و جد مؤلمة، وغير متماشية مع ما راكمه المغرب في المجال الحقوقي. و لم تراع طبيعة التحولات الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و الديمغرافية ، التي يعرفها المجتمع المغربي،
ثانيا: يؤكد أن قساوة الأحكام لا يمكن أن تساهم في خلق الإطار المساعد على تحقيق عدالة اجتماعية ومجالية، بقدر ما تخلق الأحقاد والتشكيك في الإرادات؛
ثالثا: يدعو إلى أن تستحضر الممارسة القضائية في مثل هذه الحالات روح الوثيقة الدستورية الجديدة، و سياقات صياغتها، و روح مسلسل الانصاف و المصالحة، و توصيات هيئة الانصاف و المصالحة ، و ضرورة حفاظ القضاء على هبة الدولة و استقرارها، و مساهمته في البناء الديمقراطي التراكمي.
رابعا:يرى المركز ان الوضعية الراهنة التي يعيشها المغرب من جراء اصدار هذه الاحكام تعكس ازمة عميقة تعيشها المؤسسات الحزبية و النقابية و المدنية ، كما هي اعلان كذلك عن اختناق المؤسسات الحقوقية التي عليها لعب دور الوساطة بين الدولة و المجتمع ،و لا سيما المجلس الوطني لحقوق الانسان كما أنها تسائل مجددا جدوى و وجود وزارة الدولة المكلفة بحقوق الانسان التي لم تقم طيلة الازمة و حتى بعد صدور الأحكام إلا بما يمكن أن تقوم به جمعية حقوقية محلية.
خامسا: يدعو المركز إلى تغليب صوت حكماء الوطن، وتعميم القيم الإنسانية الداعية إلى والصفح والعفو والتأسيس للمستقبل،كما يدعو إلى ضرورة استخلاص دروس الأزمات الاجتماعية التي عرفها مغرب ما بعد الإنصاف و المصالحة، و استخدام الذكاء الجماعي لكل المغاربة، بالعودة الى أجواء التفاؤل التي صاحبت مسلسل الانصاف و المصالحة الذي تأثر – للأسف – سلبا برياح ” الربيع العربي” السيء الذكر، و يضم صوته إلى كل الداعين إلى ضرورة انخراط جميع الفاعلين في البحث عن السبل المتاحة لطي هذه الصفحة والتفرغ لاستكمال مسيرة بناء وطن يتسع لجميع المغاربة، و ذلك ب :
أ- دعوة الحكومة المغربية إلى التفاعل الإيجابي مع نبض الشارع المغربي و تحمل مسؤوليتها كاملة في تحقيق العيش الكريم لجميع المغاربة الذي شكل المطلب الأساس للحراك الشعبي بالريف، و عدم الإجهاز على المكتسبات التاريخية؛
ب- دعوة الاحزاب السياسية إلى تأهيل خطابها السياسي، و الابتعاد عن الشعبوية القاتلة ، مما سيمكنها من لعب الأدوار المنوطة بها دستوريا حتى تتمكن من استرجاع ثقة شبابنا؛
ج- دعوة النقابات الوطنية إلى تجديد ممارساتها النقابية بما يلائم طبيعة مهامها ووجودها، حتي تتمكن هي بدورها من القيام بالادوارالمنوطة بها دستوريا؛
د- دعوة المؤسسات الحقوقية الوسيطة إلى تغيير صيغ تفاعلها مع الأحداث الحقوقية التي تعرفها البلاد، و إبداع صيغ استباقية لمعالجة القضايا التي تدخل في مجال اختصاصها؛و اعادة النظر في تركيبة و مهام لجنها الجهوية.
كل هذا من أجل تجاوز حالة الاحتقان الراهن، و بهدف توفير شروط التفكير و ابداع صياغة مشروع تنموي جديد يستجيب لآمال و طموحات المغاربة و الذي يجب أن يستمد روحه من توجيهات جلالة الملك و توصيات هيئة الانصاف و المصالحة .
عن مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية و السلم
مكناس في 27 يونيو 2017